22 ديسمبر، 2024 7:11 م

رأس المال الفكري ومتطلبات تطويره والمحافظة عليه

رأس المال الفكري ومتطلبات تطويره والمحافظة عليه

1- مفهوم رأس المال الفكري:

يمثل رأس المال الفكري المعارف والأفكار الإبداعية والابتكارية، التي تمتلكها المنظمة، والذي يساهم في بقائها ونموها، ولذلك أدركت المنظمة أن القيمة الحقيقة لها تتعاظم فيما تمتلكه من رأس مال فكري متميز قادر على تقديم الآراء والأفكار التي تُحسن من الأداء وتطوير المنتجات والخدمات التي تقدمها للعملاء والتي تساهم بالنهاية في زيادة القدرات التنافسية للمنظمة. أن المنظمة إذا ما فشلت في إدارة أصولها المالية فإنه بالإمكان تدارك الأمر من خلال إعادة الهيكلة المالية للمنظمة وتحقيق الإصلاح المالي رغم ما يتولد عن ذلك من نتائج سلبية إلا أنه يمكن تعويضها في الأجل القصير، ولكن الأمر بالنسبة لرأس المال الفكري يعتبر بمثابة أحد الأصول غير الملموسة الذي يمثل الركيزة والعصب المؤثر في استغلال كافة الأصول الأخرى الملموسة وأي خلل في إدارة رأس المال الفكري فأنه ينعكس بالنتيجة على إدارة الأصول الأخرى.

2- الفرق بين رأس المال الفكري في المنظمة ورأس المال البشري:

حيث يتمثل رأس المال البشري في المعرفة المتخصصة والمحفوظة في ذهن العنصر البشري المتميز والتي لا تملكها المنظمة، بل هي مرتبطة بالفرد شخصياً.أما رأس المال الفكري: عبارة عن الأصول الفكرية والمعرفة وهي مستقلة عن شخصية الفرد وتمتلكها المنظمة، أي التي حصلت عليها المنظمة من العنصر البشري لديها، وأصبحت ضمن ممتلكات المنظمة والذي في النهاية يساهم في التطوير المستمر لأداء المنظمة ويعظم قدرتها التنافسية.

3- أهمية رأس المال الفكري:

1- يساهم رأس المال الفكري في تطوير الوضع الحالي للمنظمة، من خلال إنتاج أفكار وابتكارات مستحدثة واستثمارها.

2- يعد رأس المال الفكري المصدر الأساسي للميزة التنافسية والعامل المؤثر في نجاح الأداء المؤسسي، كما انه يعزز الموقف التنافسي للمنظمة من خلال تقديم منتجات جديدة، مع خفض التكاليف و إمكان البيع بأسعار تنافسية، ناهيك عن تحسين الإنتاجية.

3- يعمل على تعظيم القيمة الفكرية لدى المنظمة، من خلال تنمية المعرفة للعنصر البشري فيها وجعلها ذات قيمة عالية.

4- يعتبر قوة علمية قادرة على إدخال التعديلات الجوهرية، على كل شيء في أعمال المنظمة، ومواكبتها للتطورات المتسارعة والمتجددة.

5- يساعد على نمو وبقاء المنظمة، من خلال استغلال الأفكار والآراء، وتسخيرها لصالحها، وزيادة القدرة الإبداعية، في تطوير المنتجات والخدمات التي تجذب العملاء، وتعزيز ولائهم للمنظمة.

4- متطلبات تنمية رأس المال الفكري:

1- وجود قيادة عليا تؤمن بتنمية وتطوير رأس المال الفكري، وتجعلها ضمن رسالة ورؤية المنظمة وأدرجها ضمن خطتها الإستراتيجية، بل وتجعلها من أولوياتها في التنفيذ.

2- تبني الأفكار الإبداعية والابتكارية لدى المنظمة، والإنفاق عليها واستثمارها وجعلها موضع التنفيذ، على اعتبار أن الإنفاق على هذه الإبداعات والابتكارات يمثل إنفاق استثماري.

3- تطوير النظام الداخلي للمنظمة، بما يمكنها من سهولة التواصل مع المستويات الإدارية المختلفة، وسهولة انسياب الأفكار الإبداعية، وتقليل العمل الروتيني لدى المبدعين، وتعزيز صلاحياتهم.

4- تقديم الدعم المالي اللازم لعمليات الإبداع، من خلال تخصيص ميزانية مناسبة لأنشطة التدريب والبحوث والتطوير، و زيادة الإنفاق على المشاركات الخارجية للأفراد والتي تهدف إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المتميزة من بيئات الشركات العالمية المنافسة.

5- أيجاد بيئة للتعلم التنظيمي في المنظمة تزودها بالمعارف والمهارات والخبرات من خلال التعلم الذاتي ونشر المعرفة وتخزينها، والتعلم من المواقف والأحداث والتجارب والممارسة، وذلك من أجل تنمية وتطوير الأفكار الإبداعية والابتكارية، وكيفية تطبيقها والاستفادة منها.

6- تغيير الثقافة الإدارية في المنظمة، من خلال الفكر القائم على تجنب المخاطرة إلى الفكر القائم على تحفيز وتشجيع المخاطرة والإبداع خاصةً إذا كانت النتائج تؤول إلى الإيجابية.

5- رأس المال البشري وأهميته في تطوير والمحافظة على رأس المال الفكري للمنظمة:

يجب تطوير والمحافظة على رأس المال الفكري من أجل التحكم والسيطرة على الفجوة بين المتحقق من الإنتاج والاستغلال لرأس المال الفكري وبين المخطط له، لذلك نجد أن رأس المال البشري لا ينضب بل يتنامى بمقدار الزيادة في المهارات والخبرات والمعارف، وأن منحنى إنتاجيته في علاقة طردية تصاعدية باتجاه منحنى الخبرات والقدرات الإبداعية والابتكارية، وأنه قابل للتطوير والتجديد مع تغيرات العصر ولن يندثر إلا بتوقف العمر الزمني للعنصر البشري، ويمكن توضيح ذلك حسب التالي:

_ عنصر بشري يصعب الحصول عليه وينتج قيمة مضافة عالية: وهو أفضل العناصر داخل المؤسسة الذي يجب الحفاظ عليه وتنميته وتمكينه، وهو نادر في سوق العمل، وهو المصدر الرئيسي لتنافسية المؤسسة، ويتميز العاملون في تلك الفئة بالمعرفة الجوهرية وبالمهارات المتخصصة والتي ترتبط مباشرة بإستراتيجية المؤسسة، مثال ذلك العلماء في البحوث والتطوير، الذين يعملون في مجال العمل المعرفي والذي يستلزم الاستقلالية وحرية التصرف، كما تمتاز هذه الفئة بأنها ذات قيمة عالية وفي نفس الوقت فريدة في نوعيتها، ومن ثم يصعب الحصول عليها، ويطلق على الموارد البشرية في تلك الخلية بالموارد البشرية )الأساسية ( ومثل هؤلاء لا ينبغي التفريط فيهم ويجب الحفاظ عليهم من أية إغراءات من المؤسسات المنافسة.

_ عنصر بشري ينتج قيمة مضافة عالية ولكن سهل الحصول عليه: ويتميز العاملون في تلك الفئة بالمهارات العالية ولكنها في نفس الوقت ليست فريدة من نوعها، مثال ذلك رجال البيع، العاملين في خدمة العملاء، كما تمثل قوة عمل ضرورية )إجبارية( ويطلق على هذه الخلية بالموارد البشرية الإجبارية والتي لا يمكن الاستغناء عنها.

_ عنصر بشري صعب الحصول عليه وينتج قيمة مضافة ضئيلة: وتتمثل في الخبرات النادرة ويكونوا منفردين، ومن ثم يصعب الحصول عليهم، ولكنهم يعملون بتكنولوجيا بدائية إن لم تكن تعتمد على مهارات يدوية، وهي غير متطورة تكنولوجيا، ولذلك فأنها تنتج قيمة مضافة ضئيلة مع تعاظم قيمة الوقت والتكنولوجيا، وغالباً لا يكون لهم علاقة مباشرة بجوهر إستراتيجية المؤسسة، مثال ذلك الاستشاريين في البحوث المعملية.

_ عنصر بشري ينتج قيمة مضافة منخفضة ويسهل الحصول عليه: لا يتوافر لدى العاملين بتلك الفئة مهارات مرتفعة القيمة الإستراتيجية، وغالبا ما يمكن الحصول عليها بسرعة بالنسبة لجميع المؤسسات، مثال ذلك عمال الصيانة.

ويمكن تفصيل مصادر العنصر البشري كالتالي:

_ مصادر داخلية: وهي الموارد البشرية المتاحة داخل المنظمة، ويمكن الاستفادة من هذه المصادر لشغل الوظائف التي تحتاج إلى خبرات معينة لا تتوافر خارج المنظمة.

_ مصادر خارجية: وهي الخبرات التي تحتاجها المنظمة في حالة عدم توافرها داخل المنظمة، وهي تعبر عن سوق العمل، ويمكن الاستفادة من هذه المصادر لشغل الوظائف الإدارية والفنية والوظائف التي تحتاج إلى خبرات ومهارات ومؤهلات لا تتوافر داخل المنظمة، وهناك عدة عوامل تحدد نطاق النشاط الاستقطابي للمنظمة، وتجعله يختلف من منظمة إلى أخرى مثل حجم المنظمة، والظروف المحيطة لسوق العمل، وخبرة المنظمة، وطبيعة الوظائف المعروضة، وسمعة المنظمة.