19 ديسمبر، 2024 3:51 ص

رأس الرئيس كان كبيرا

رأس الرئيس كان كبيرا

خلا الجو وبقي بمفرده في مبنى الصحيفة، الجميع غادر لاحياء الذكرى السنوية لتأسيسها، بدأ ينتقل بين الاقسام ، بقي الخبر الرئيس مفتوحا لاستقبال التهاني والتبريكات في الصفحة الاولى، وبقي هو بالانتظار، المبنى موحش جدا، ويحتاج الى تسلية من نوع ما، هبط السلالم ليجد نفسه امام احد المحال لبيع المشروبات، اقتنى اربع زجاجات وعاد مسرعا مع عبوة جاهزة من الباقلاء، ساجلس بمفردي وادعهم لاحتفالاتهم، انا ايضا ساحتفل على طريقتي الخاصة، عاد المصمم  مصطفى  وقد امتلأ بالغبطة حين نظر الى الزجاجات، وعلم انه الاذن بليلة مريحة بعض الشيء، سينام الاثنان في مبنى الجريدة، فحظر التجوال يسري بعد الساعة الثانية عشرة ليلا، تتالت التهاني وابتدأت بامين بغداد، ثم وزير الخارجية ومن ثم بقية المسؤولين، كان ينتظر برقية الرئيس الاول والرئيس الثاني بفارغ الصبر لينتهي من الامر، اوعز للمصمم ان يحضر للرئيسين صورتين واضحتين تحتويان على مساحة من الضوء وقابلتين  للتصغير او التكبير من دون المساس بعامل الوضوح، نظر الى الصورتين باندهاش، احدهما كان يمتلك رأسا كبيرا، والثاني كان يلف يشماغا على رأسه، كيف ساضع الصورتين متجاورتين، هذا هو السؤال، ومع الزجاجة الرابعة وصلت برقيتا الرئيسين، كانتا رسميتين وليس هناك من شيء جديد، مجرد كلمات مدح وثناء وتشجيع.
وضع صورة الرئيس ذي الرأس الكبير في اعلى الصفحة فاحتلت المكان، ولم تدع شيئا للرئيس الثاني، ماهذه الحيرة انهما يتنازعان الصفحة، ماذا افعل، الرئيس الاول يقولون هو ( ابو الخبزة)، حيث تأتي مرتبات الموظفين من هناك، ويستحق ان يكون في الاعلى، اما الثاني فهو لم يصل الى بغداد ابدا، ويقولون انه بخيل ولم يعط الصحيفة فلسا واحدا، هل سيعترض رئيس التحرير على ان يكون الثاني اسفل الصفحة، الامر اليوم بيدي وانا من ساضع النقط على الحروف، افتتح الخبر ببرقية الرئيس ذي الرأس الكبير، واخر الرئيس ذا اليشماغ  بعده، وسحب صورته الى الاسفل، لا تعدو ان تكون مجرد تهنئة، لا اعتقد ان رئيس التحرير سيعطي الامر اكثر من اهميته، فهو مثقف كبير، لكنه في المقابل صديق للاثنين، واخشى ان احدهما سيزعل منه، ليزعل الثاني فهو غير مؤثر كثيرا، صدرت الجريدة وجاء رئيس التحرير صباحا وهو نادرا ما يأتي، طلب عقد اجتماع، لم تزل رائحة البيرة تنبعث من فمه وقد نام نوما عميقا، حتى ايقظته عاملة النظافة ، فخف مسرعا الى الحمام، ومن ثم الى مطعم قريب، تناول فطوره ، وعاد فوجد الاجتماع منعقدا، من وضع صورة الرئيس اسفل الصفحة، الجميع نادى بصوت واحد ، هو ، هو ، هو، تسمر بمكانه، فاستوعب رئيس التحرير خوفه، واشار اليه ان اجلس بقربي، فجلس بجنبه، واراد ان يدافع عن نفسه، فلم يعطه مدير التحرير مجالا، واشار اليه رئيس التحرير ان اصمت ودع الامر فانا من سيعالجه، كان الاجتماع اعتياديا بغضب من رئيس التحرير معهود عندما تحدث حوادث كهذه، لماذا وضعت صورة الرئيس اسفل الصفحة، لانهما اثنان، والرئيس الاول كان يمتلك رأسا كبيرا يا استاذ فاحتل الصفحة بكبر رأسه، اما اليشماغ فانا كنت اعتقد ان من يلبسه ينعت بالتخلف، لانني نشأت في مدينة فقيرة اغلب رجالها يرتدون اليشماغ، فصار اليشماغ لدي صورة للتخلف ولم اعرف انه هوية لشعب معين، لكن رأس الرئيس الاول احتل الصفحة استاذ فكنت مضطرا ان اضع الرئيس الثاني اسفل الصفحة، رأس الرئيس كان كبيرا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات