الجامعات في العالم تتنافس في تطوير إمكاناتها لجذب اكبر عدد من الطلبة والباحثين ، وليرتفع مستواها في التصنيف العالمي . وتسعى جاهدة لاستخدام أكفأ الأساتذة المتمرسين ، وتطوير أوسع المختبرات العلمية . سوى الجامعات العراقية التي تدار بعقلية البعث التسلطية ، والتي تعتمد على عقلية القمع والفرض في الغالب ، مع فقر مدقع في مستلزمات البحث العلمي ، يتم تعويضه بمزيد من الاجبار والأوامر الإدارية .
ولا يتم التركيز على معاناة طلبة الدراسات بسبب التناقض بين المتطلبات البحثية والعلمية المفروضة على الطلبة من قبل الجامعة وبين الإمكانات الواقعية لتلك الجامعات ، وهي إمكانات بائسة جداً اذا قورنت بما تملكه الجامعات الأهلية أو أية جامعة غير عراقية . مع نظام بيروقراطي أشبه بالعسكري لا يمت بأي صلة للمنهج العلمي العالمي . الأمر الذي يتسبب بنزيف المال والجهد للطالب الباحث . مع اضطراره للتعاون مع جامعات أخرى عن طريق دفع الأموال والعلاقات والبقاء تحت ضغط الخوف والتشتت ، ومن ثم بعد ذلك النزيف يتم احتساب الفضل للجامعة البائسة التي عمل فيها الطالب رسميا .
حينما تعرض جامعة ما قنينة بلاستيكية لباحث في مختبر علمي تطبيقي لاستخدامها في تسخين مجموعة من المواد الكيميائية فهي بالتأكيد تسخر من المجتمع الذي تمثله .
وحين يكون الفرق بين مختبرات الجامعات الحكومية وبين مختبرات الجامعات الأهلية فرقاً فلكياً سنتذكر لاشك واقع حال الفرق بين المستشفيات الحكومية والمستشفيات الأهلية ، المقصود والمخطط له من اجل دفع الناس باتجاه زيادة رأسمال المستشفيات الأهلية . لاسيما مع عمل الأساتذة الجامعيين والأطباء في القطاعين في ذات الوقت .
ان الفوضى الإدارية والمادية للجامعات الحكومية تقود البلد الى مزيد من ضياع الجهود والأفكار والبحوث والأموال والوقت ، وهو ضياع يضاف لما موجود من فساد وغباء اداري عام في الدوائر الأخرى الرسمية . الامر الذي يخلق حالة عجيبة من الإحباط المؤدي الى الفشل .
ان تركيز إدارة الجامعات على حضور طالب الدراسات اليومي اكثر من تركيزها على توفير أدواته البحثية يعني شيئاً واحداً انها جامعات ناشئة في مراكز التدريب العسكرية الصدامية .
وان سعي الأساتذة المشرفين في سرقة جهود طلبتهم من اجل رفع تصنيفهم العلمي ، والضغط عليهم لنشر بحوثهم في مجلات علمية مرتفعة الثمن ، لا يعني سوى انهم قطاع طرق .
كما ان إصرار الأساتذة المحكمين على إيجاد العيوب غير المرئية في بحوث متينة من اجل إثبات انهم أساتذة متمكنين ، لا يعني سوى انهم مرضى نفسيين .
وقيامهم بإدخال مصير طلبتهم في صراعهم الداخلي على المنصب او غيره ، لا يعني سوى انهم أمويون حد النخاع .
يجب على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إعادة تقييم واقع الجامعات العراقية من حيث الصحة النفسية للأساتذة والإمكانات المادية والنظرية والقدرة على المنافسة الشريفة والتوازن بين المناهج العلمية وطرق التدريس في الشمال والوسط والجنوب ، فهناك فرق شاسع في الطرق والمواد والأسلوب . كما يجب إعادة جميع الطلبة المرقنة قيودهم لأنهم كانوا ضحايا أنظمة جامعية بيروقراطية فاشلة في الغالب