هل ثمة حل في ظل تنامي ازمة عجر الموازنة العامة للبلاد؟، وهل ثمة مخرج آمن يمكن ان تسلكه الحكومة للخروج من نفق المتاهة المالية التي وجدت نفسها بوسطها، دون ان تعرف السبب ؟، وهل ثمة من يملك حلولاً يمكنها ان تجنب البلاد توقف عجلة الخدمات وما تلحقه من اضرار بالغة بالمواطن.؟، وهل يمكن ايضاً الأستمرار في عملية ترشيد الانفاق الحكومي، مع ضمان عملية الانفاق على مشاريع الصحة والتربية والتعليم والرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية والمجاري والزراعة والصناعة وغيرها من قطاعات الدولة المختلفة ؟
كلها اسئلة بحاجة الى اجابات، وكل الاجابات على ما يبدو مرتبكة لم تقف عند تمييز الخيط الابيض عن الاسود، اذا ما قرأنا تضارب التصريحات المستمر، والجدل بشأن الأزمة المالية التي بدأت منذ منتصف العام الجاري، ولا تزال مستمرة، لعل البعيد عن المشهد، يمكنه ان يرى ابعد ممن هم في داخل المعترك، ولذا فأن الرؤية – اعني رؤية الحل – هي في الحقيقة ليست قرار شخصي، ولا جهوي، ولا يمكن اختزاله بمؤسسة او شخصية، قدر ما هو صناعة مشتركة ينبغي ان يساهم الجميع في صناعتها، ومن ثم بلورة رؤية الخروج الآمن بشكل جماعي.
في تجربة المحافظات عبرة للحكومة الاتحادية، وفيها رؤية يمكن ان تحتذي فيما يتعلق بعملية الانفاق والترشيد، فالحكومات المحلية على ما مرت به من تجاذب لكنها قياساً بالوزرات الخدمية كانت الاكثر فاعلية والاكثر واقعية في عملية الانفاق المالي، والاكثر تماساً مع حاجة المواطن، فيما بقيت الوزارات بمشاريعها المتلكئة، هي الاكثر تبذيراً للمال العام، والاكثر فقراً في تنظيم عملية انفاقه، ولذا أرى ان ما طرحه محافظ ذي قار يحيى الناصري يمكن ان يكون احد المخارج الآمنة، وهو تخويل المحافظات صلاحيات انفاق الأموال على مشاريعها بعد التنسيق مع الوزارات ذات الصلة، وكذلك السماح للمحافظات التعاقد بشكل مباشر مع الشركات العالمية لتنفيذ المشاريع بالآجل الذي سيعني ضمان دوران عجلة البناء والأعمار، وكذلك ضمان انفاق المال المخصص في مشاريع ذات جدوى خدمية واقتصادية، وان لا يربط مصير مشروع التعاقد بالآجل الى الصراعات السياسية، كذلك فأن تقسيم هذا المشروع بين المحافظات من شأنه تقليل حجم الفساد والبيروقراطية التي قد تعتريه !