المراقب لإداء بعض الزعامات السياسية في الساحة العراقية يلمس ان هنالك سلوكاً مشابهاً لذنب السلحفاة من حيث النتائج.
تمتاز السلحفاة عن كثير من المخلوفات بوجود ذنب قصير لدرجة أنه لا يستر عورتها وبنفس الوقت لن يضيف الى هيئتها ما يزيد من جماليتها، حتى قال المثل العراقي مشبها تلك الحالة ” ذيل الركة لا ساترها ولا محليها”، وهي كناية عن بعض الذين يفتقدون الى الجدية في حسم بعض الأمور والأولى لهم هو الإبتعاد عن التصدي للشأن العام كونهم غير مؤهلين لذلك.
بين حين وآخر تظهر للرأي العام بيانات أو خطابات على شكل تغريدات لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يفضح بها فساد بعض معاونيه والعاملين في صفوف تياره، كذلك يصرح انه على وشك إعتزال العمل السياسي وترك هذا الفن “غير النبيل” لطلاب الدنيا والساعين خلف المناصب والإمتيازات!.
بما أن سماحته أحد المتصدين للشأن السياسي، فهو كغيره عرضة للتقيم والنقد ودراسة المواقف بعيداً عن لغة الإتهام والتخوين وغيرها.
لقد اتقن فن التلاعب بعواطف العامة من مؤيديه، فمنذ احداث 2003 ولحد الآن يحرص الصدر على تبني موقف الخروج عن الإجماع الوطني، وبغض النظر عن جدوى هذا الإجماع وأثرة الإيجابي فيما يخص المصلحة الوطنية.
الذاكرة العراقية تحتفظ بعديد من مواقف القوى العراقية حيال دخول القوات الأجنبية للعراق، فبعضٍ تعامل معها كقوات محررة من سلطة البعث، بينما تعامل البعض معها كقوات صديقة جاءت لمساعدة الشعب العراقي على تثبيت المسار الديموقراطي بعد عقود من التهميش والإقصاء، بينما كانت المرجعية الدينية ترى إن الواقع يشير لوجود قوات محتلة يمكن تبني الخيار الدبلوماسي بغية إخراجها من البلاد ولا مانع من الإستعانة بخبرات بعض تلك الدول لأغراض التنمية والتدريب وتزويد العراق ببعض الخبرات التي افتقدها البلد بفعل سياسات النظام البائد.
الزعيم الشاب تبنى الخيار المسلح خلاف ما اجمعت عليه المرجعيات التي عاصرها والتي كان حري به الأخذ برأي من هو أهل للفتوى خصوصاً في مسألة الدم الذي أُريق في حينها.
بعد فتوى الجهاد الكفائي ضد عصابات داعش وإستجابة الشعب التي عكست الوحدة الوطنية حيال هذا الامر، أصر الصدر إلا أن يخالف هذا الإجماع بتصريحه الشهير” لا يشرفني أن اكون ضمن هذا الحشد”!.
اما بخصوص إجراءاته ضد من ثبت لديه فسادهم مؤخراً من معاونيه آثر الصدر ان يكون بديلاً عن الدولة وسلطتها القضائية فأخذ يحاسب ويعاقب أمام مرأى ومسمع الرأي العام كل من يتمرد على سلطته داخل التيار، وهذا الامر يؤشر إنطباع سلبي اكثر مما هو إيجابي بدليل الإستغناء عن الدولة ومؤسساتها الدستورية في محاسبة المقصرين.
جراء تلك الأساليب، تولدت قناعة لدى المراقبين إن تلك الحركات ماهي إلا تلاعب بمشاعر الاتباع بغية الحصول على أكثر عدد من المقاعد النيابية وهو ما اكدته الوقائع، حيث حصل التيار الصدري على صدارة المشهد الإنتخابي بفعل ادعاء الصدر انه مهدد بالقتل وطلبه من محبيه قراءة الفاتحة وابراء ذمته، كذلك كانت مسرحية الإصلاح التي تبناها الصدر من أهم عوامل تصدر الواجهة لقائمة سائرون التي شُكلتْ برعاية الصدر وتحالفه مع الشيوعيين.
لا إعتراض لدى المواطن البسيط على كل ما ذُكر، لكن ثمة تساؤل يدور في الوجدان عن الجدوى من كل ذلك وما هو الأثر الذي سينعكس بشكل إيجابي على فقراء الشعب، وهل أن مثل تلك الضوضاء ستساهم في ملء البطون الجائعة للآلاف من اتباعه ؟
ليس هنالك من مؤشرات تبعث الأمل في النفوس وكل ما يجري عبارة عن حركة عشوائية تؤكد ان أبطالها أشبه ” بذيل الركة لا ساترها ولا محليها”.