22 ديسمبر، 2024 4:33 ص

الى روح صديقي الشيخ  عبدالرزاق مجبل الوگاع…
بقلم إبراهيم المحجوب
عندما  يصادف عبوري من امام المستشفى الذي كنت ترقد فيه اتذكر صديقي ذلك الشيخ الفاضل وانا اعرف جيدا ان قسم من الذكريات يرافقها طعم المرارة دوماً فأي نوع من الذكريات هذه التي كانت نهايتها شيء اسمه الفراق الدائم..
نعم انه الموت ياصديقي يأخذ الأصدقاء ويأخذ معهم دموع العيون ويزرع الاحزان في القلوب…
ايها الصديق الراحل..
لقد فارقتنا روحك العزيزة ولكننا لم نستطيع ان نفارق صورتك الرجولية الجميلة ومواقفك مع المظلوم لنصرة الحق. فارقتنا الى عالم الاموات العالم المجهول عن الاحياء فهل ياترى مازالت تلك الروح الطيبة تزورنا ولو بالطيف او انها تشاهد كل ما نقوم به من اعمالنا الدنيوية….. ولكنها لا تستطيع ان تخاطبنا كما لوكانت في عالم الاحياء..
ان الموت هو قدر محتوم كلنا يؤمن به رغم ان الجميع لا يعرف متى يبدأ موعده ومتى تنتهي احزانه…
لقد علمتنا الحياة ان كل شيء جميل سوف نفارقه في زمن معين ولكن غرائز ارواحنا مازالت تعيش مع جمالية الحياة وطبيعتها وتختار دوماً الاشخاص القريبين منها والذين حتى وان اختلفت افكارهم معنا لكنهم يبقون دوما هم الاقرب في هذه الحياة ولقد كنت كذلك يا اباحاتم..
ايها الجبل الذي رثته القصائد وبكت عليه الرجال قبل النساء وقد قالوا في امثالهم قديماً ان لكل فراق عزيز قومٌ عَبره ولكنها قد استمرت عليك العبرات فلقد كنت تحمل في ذلك القلب الكبير الطيب والمحبة  وتحمل معه في عقلك الواسع النور والاستشارة ولم نراك يوماً تهادن هذا وذاك وتجامل صديقا او ذوي قربى على حساب مصلحة القبيلة التي ورثت خلافة قيادتها من والدك الشيخ مجبل الوگاع لقد كنت وكما عرفك الجميع الفيصل في كل المواقف وكنت الحازم للأمر بعد نقاش اصحاب الرأي والمشورة…
آه ايتها اللحظات الجميلة مع تلك الصحبة الطيبة والرفيق العزيز بعيدا عن المصالح الضيقة..
آهٌ ياقرية  الحود وشوارعكِ التي تؤدي الى ذلك المضيف الكبير العامر وحدائقه التي زرع فيها النباتات المتعددة  بيده فانبتت الصبر من بعده..
ايام وذكريات في العاصمة بغداد وشوارع بابل والديوانية
وبساتين جزيرة الراشدية ومضايف الشيوخ آل دانه وآل دبي وآل كتاب والشنيار والفياض والبو مصري وشارع الجادرية وطريق بغداد… ومعاملات المواطنين وطلباتهم ثلاثة ليال جميلة عشناها سوية ومع حفيدك مصطفى وصديقي ابو بارق والسيارة الكورولا البيضاء….
وبعد ان انتهت تلك الزيارة بأيام معدودة انطفأ النور لذلك القمر الساطع وذهب كل شيء معه من الذكريات ومازالت مستشفى المدينة في الساحل الايسر من مدينة الموصل تنتظر زوارها المرضى ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر…
كلمات وحروف وشاحها اسود وحبرها من دموع المحبين والجميع ينظرون الى تلك المقبرة الواقعة على ضفاف نهر دجلة في اطراف قرية الحود قرية الصمود والشهداء وهم يرددون الوداع. الوداع.. يا اباحاتم…..
لقد كنت هناك في ذلك المضيف واليوم انت في ضيافة القادر الكبير الكريم سبحانه وتعالى الذي جعل علينا الموت حتماً محتوم وجعل الحياة امراً معلوم….
سارثيك دوما ياصديقي ومثلي لايعرف من الاحزان سوى الرثاء..
اني نعيتك والزمان بَكّاني
شتان بين النعي والاحزان
وبقيت اسماً لامعٌ متفرداً
طوبى لتلك النفس والابدان
ايها السيف الحسام المنثني
يارافع الرايات في الاكوان
عبدا الى ذو الجلالة محسنا
واميراً الى ذوي الوجاهة  في بغدان