23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

ذريعة الحرب على المدنيين

ذريعة الحرب على المدنيين

ما تزال مأساة فلسطين تعيش دواخلنا ، وكلما قلبنا صفحات الذاكرة ، ثارت في مخليتنا صور المجازر الصهيونية من كفر قاسم ودير ياسين الى غزة، لكن، هل استطيع اليوم إن أحدث إبني عن وحشية المحتل الصهيوني ، وهو يرى شعبه يقصف ويقتل من إبناء جلدته، وكأنهم يقاتلون عدواً غازياً؟.

المقارنات باتت مخيفة ، فالصهاينة لم يشنوا يوما حربا على تل أبيب التي يقطنها “اليهود” ، ولم يقصفوا بالطائرات والمدفعية “حيفا” و”يافا” ، وإنما هم في مواجهة مع أصحاب الحق الشرعي ، الذين يشكلون هاجسا مزمنا من تهديد وجودهم، لذا فالصراع من ناحيتهم صراع وجود فهم غاصبون ومعتدون ، وهذه الحقيقة لا تغيب بالتقادم ، لذا يبيحون لأنفسهم إستخدام كل الأسلحة من أجل حسم المعركة لصالحهم، فهذا الذي أمامهم ، عدوهم، الذي يقض مضاجعهم ويذكرهم بحقيقة وجودهم على هذه الأرض، وفي الجهة المقابلة أو الجهة المواجهة، الرؤية ذاتها أزاء هذا المحتل الاستيطاني.

لعل الصهاينة يبحثون عن ذرائع لعدوانهم المستمر ، تحت مسمى ، حماية “الاسرائيليين” أو الأمن لشعبهم” وهذه المسميات لها صداها العالمي في كسب التأييد، خصوصا مع وجود الانحياز الغربي والامريكي للوجود “الاسرائيلي” على حساب الشعب الفلسطيني.

لكن كيف يبرر حكامنا حروبهم على الشعب ، القضية مختلفة تماما، والمآسي التي أخذت تلاحقنا خلال عشر سنوات، اثبتت ان هناك اكثر من دير ياسين واكثر من غزة حصلت في بلادنا ، تحت مسميات تتناغم مع روح العصر ، وترضي غرور الحاكم المستبد في شتى حروبه ضراوة، من خلال تحريك غرائزالعدوانية من منطلق محاربة الارهاب ، ذلك القضاء الذي يسمح بقتل الاطفال والنساء والشيوخ ، ويدمر البيوت على ساكنيها ، ويقصف ويحيل مدنا الى ركام مثلما يعطي صكا مفتوحا من الاعتقالات والتصفيات والاعدامات حتى من دون ضرورة قصوى لإعلان حالة الطوارئ.

بالتأكيد لم يأت حاكما للقتل والتصفية من دون ان يقدم الذرائع التي يدغدغ من خلالها مشاعر العالم الزائفة، وعنوانها حماية الناس وحفظ دمائهم.

وهذه العناوين تكفي لمنح التأييد والدعم ، ما دامت مغمسة برائحة الارهاب المنتنة، فتستباح الأعراض بإسم محاربة الإرهاب ، ويقتل الاطفال وتشرد العوائل ، وتقصف المدن من الجو والبر ، وتجيش الجيوش ، والعالم ينظر من دون ان يتحرك واذا ما شعر ببعض الخجل، تراه يصرح بكلمات خجولة من نوع “نخشى” و”ندعو الى التهدئة” وثالثة الاثافي “التمييز بين المدني والإرهابي” .. مع ان القنبلة عمياء لا تميز، والرصاصة كذلك .. لكنها ، وكما يقولون اسقاط فرض ليس إلا.

ما يحصل اليوم في الانبار حرب إبادة ، لا علاقة لها بمحاربة الارهاب ، والذين يقتلون هم اطفال ونساء وشيوخ وحتى الشباب ليس لهم علاقة بإرهاب أو إرهابيين، بل هم حاربوا الارهاب وطردوه من محافظتهم ، لكنهم مؤشرون مع ذلك “خطر” وبرغم دعوتهم السلمية التي إستمرت عاما في المطالبة بحقوقهم ، بل ورفع الظلم عنهم.

كلنا ضد الارهاب ، وضد القاعدة والميليشيات ومع ترسيخ الامن وتحقيق الاستقرار ، لكن ما يجري استنزاف للدماء ، ومزيد من دوامة القتل .