15 نوفمبر، 2024 4:11 م
Search
Close this search box.

ذبح العراق كهربائيا… النجيبية ومحطات الديزل نموذجا

ذبح العراق كهربائيا… النجيبية ومحطات الديزل نموذجا

ارتفعت هذه الايام وبشكل متسارع عقيرة دعاة الخصخصة لأهم القطاعات التي يعتمد عليها البلد فبعد التحسن النسبي ( نكرر النسبي ) في انتاج الكهرباء ، فوجئ العراقيون بالتوجه الوزاري لبيع محطات انتاج الطاقة الكهربائية ، في قرارات واجراءات سريعة لاتدع مجالا لحسن الظن بحجة عدم توفر السيولة المالية ورغم ادراكنا التام ان حصر الحديث عن الخصخصة بجوانب فنية محضة ماهو الا افتراء والحقيقة فالحديث عنها هو في صميم السياسة الا اننا سنعتمد على مناقشة موضوع بيع (استثمار ) محطات الانتاج من زاوية فنية اقتصادية بحتة .

فلا يوجد مبرر للتنصل من مسؤولية ادارة ملف الكهرباء هذا الملف الذي استهلك ميزانية تقارب في ملياراتها صرفيات وزارة الدفاع فالتحلل من مسؤولية ادارة وتشغيل محطات التوليد التي تعتمد زيت الغاز ( الديزل ) وقودا لها وهي بمجموعها 18 محطة تتوفر على 160 وحدة توليد تنتشر في عموم محافظات العراق وتولد فعليا مايزيد على الالف ميكا واط يديرها المئات من الكوادر الهندسية والفنية العراقية ، حيث تم بيع تشغيلها لشركة الديار وفق عقد يسمح للشركة بأنهاء خدمات 20% من كوادرها وحق الشركة في انهاء خدمات من تراه متلكأ في العمل ممن تبقى منهم ، كما وتم التخلي عن موظفي العقود وموظفي الاجور اليومية الذين يتقاضون اجورا مثيرة للبكاء ، واسناد امور ادارتهم للوزارة التي ستلفظهم باقرب فرصة سانحة ، كما والزمت الوزارة نفسها بأستمرار تجهيز هذه المحطات بالوقود مجانا ، مقابل شراء المنتج ب 1,725سنت للكيلو واط/ ساعة فأذا ما اخذنا محطة الديزل بالقرنة نموذجا حيث يديرها

57 منتسب على الملاك الدائم

081 منتسب بعقد

70 منتسب بالأجر اليومي .

وبهذا يكون مجموع منتسبيها 245 موظفا .

يتقاضون جميعا ماقيمته 120 الف دولار شهريا ، سيتبقى منهم 45 منتسبا فقط وفق منطوق العقد والذي سيظل بموجبه سيف التلكؤ مسلطا عليهم في حين سيواجه 200 منتسب كارثة انهاء الخدمة ولو بعد حين بحجة التقشف.

وبحساب بسيط ستدفع الوزارة للمستثمر 621 الف دولار شهريا ناتج حساب 1,725سنت للكيلو واط /ساعة 24ₓساعة30 ₓيوم ₓ50 ميكا واط÷ 100 دولار . وبهذا سيكون الربح الصافي للمستثمر نصف مليون دولار شهريا اذا مابقي نفس العدد من المنتسبين منقوصا منها هامش الصيانة ، في حين سيتضاعف هامش الربح اذا مابقي 1/5 العدد وفق فقرات العقد فما الذي ستجنيه الوزارة من انهاء خدمات 4/5 المنتسبين ، من الذين كانت تصرف عليهم جميعا 1/6 المبلغ الذي تمنحه للمستثمر وماهو عدد من ستنتهي خدماتهم في المحطات ال (17) المتبقية ومحطة الخيرات- كربلاء وحدها تولد 500 ميكا واط ، واين سيذهب منتسبيها.

كهرباء النجيبية

ومادمنا سنتحدث عن البصرة فأن الحديث عن بيع محطة كهرباء النجيبية الحرارية فيها اكثر شجنا ، فهذه المحطة التي انشئت اواخر ستينات القرن الماضي وبدأت الأنتاج بداية السبعينات منه بقدرة انتاج تصميمية 200 ميكا واط استمرت عليها مايقرب عقدين .

ولأسباب طبيعية كتجاوز عمرها الافتراضي وحاجة اجزاء اساسية منها للتبديل تدنت قدرتها الانتاجية 140-150 ميكا واط منذ سني التسعينات لحد هذه اللحظة.

وتكاد النجيبية ان تكون استثناءا من بقية المحطات الحرارية العاملة على امتداد العراق ، فهي لم تتوقف عن العمل رغم الفلتان الامني وحراجة الظروف التي عاشها العراق وبخاصة عام 2003 والاعوام التي تلته حيث سهرت ادارتها وكوادرها الهندسية والفنية الشابة على ادامة عملها تحت ظروف عمل شاقة مقابل اجور زهيدة وقتها وبلا مقابل احيانا كثيرة .

وتشهد كتب الشكر الكثيرة التي تحصلت عليها الأدارة على الكفاءة وحسن الاداء والتفاني في العمل ، لكن المفاجأة حصلت وبشكل متسارع على غير العادة ، وكأن هناك (لقطة ) يجب الفوز بها بأسرع مايمكن وعلى الضد من رغبة المنتسبين بحجة عدم كفايةالاموال لصيانتها من اجل عودة مفترضة لقدرتها التصميمية 200 ميكا واط فهل مثل هذا التبرير يشكل سببا كافيا للتفريط بها بخاصة وان المحطة يعمل بها مالا يقل عن 1200 منتسب دائمي وبعقود وبأجور يومية .

ورغم تعهد كادرها الهندسي والفني بتخفيض كلفة انجاز اعمال الصيانة من 100 مليون دولار للوحدة الواحدة الى 15 مليون دولار الا ان تسارع وتيرة الاجراءات تعكس تصميما غير مبررا لبيعها بالتزامن مع سرعة عروض المشترين واستعجال الوزارة بضرورة جرد محتوياتها بأسرع مايمكن مما يعكس فلسفة جديدة في التعامل الرخيص مع قطاع مهم وستراتيجي للشعب العراقي ، في اجراءات هي في جوهرها هروبا للأمام واستجابة غير واعية لأملاءات صندوق النقد الدولي في نفض يد الدولة عن القطاع العام وبيعه ب ( تفاليس ) ، تصب مليارات اضافية في جيوب مافيات الفساد التي ستستحوذ على هذا القطاع الستراتيجي سواء كان ذلك بشكل مباشر او على شكل عمولات واتاوات.

واننا في مجموعة (صحفيون ضد الفساد )اذ نحذر من استخدام الصدمة بالمعالجة ندرك ان ذلك من شأنه الاسهام في خلق رجات اجتماعية في ظل وضع امني متخلخل وسيلقي بألوف جديدة من شاباتنا وشبابنا في مهاوي البطالة والفاقة .

ونرى ان اتباع اجراءات حكيمة اكثر عملية هو الكفيل بحل الاشكالات التي خلقتها احزاب وتيارات اغرقت مؤسسات الوزارة بأنصارها سعيا للتكسب الانتخابي وعادت لتتخلى عنهم بعد ان اصبح العمل حقا مكتسبا لهم ، ونرى ايضا ان ادارة المحافظات تتحمل قسطا في ايجاد الحلول لمئات المنتسبين الذين يواجهون اجراءات الفصل التعسفي وذلك من خلال :

1-امكانية تدوير نسبة مهمة من المنتسبين الى المحطات المنشأة حديثا وهي في معظمها محطات غازية وبذلك تسهم في تقليل هامش البطالة المقنعة.

2-يمكن للمحافظة ان تتحمل مسؤوليتها في المعالجة من خلال مناقلة الاموال اللازمة التي تحتاجها المحطة لأعمال الصيانة من مشاريع اقل اهمية وذلك بالتنسيق مع وزارة الكهرباء حتى لو كانت على سبيل الاستدانة ،درءا لمشكلة اكبر تكون المحافظة وجها لوجه معها وبهذا فهي تسهم بدعم الكوادر الفنية والهندسية في جهودها للحفاظ على المال العام وضمان استمرارية عمل منتسبينا ، فمجمل الاوضاع لاتتحمل قطع ارزاق المئات من الموظفين في ظل اجراءات ظاهرها فقط كلام حق .

أحدث المقالات

أحدث المقالات