يصف ((هربرت ريد)) الانسان المعاصر في حالة ابداعه للفن المعاصر كمن ينتظر رمزا ما ينبع من اعماق لاوعيه تلقائياً وبلا معونة اجهزة واعضاء جسمه الواعية ونقرأ
ل((بول فاليري ))وهو يحدثنا عن الالهام الشعري اذ يأتي للشاعر بأول بيت وهو عليه ((الشاعر)) ان يواصل كتابة قصيدة كاملة شكلاً ومضموناً …موضوعاً ومشروعاً جديداً…فعبر المراحل المعروفة للنص الشعري تسير به مخيلته المفتوحة بآفاق نسجها للتواصل الأبداعي الجميل ولحظات الالق الروحي ينتهي او تنتهي به الى ان ينجز اخر ضربه شعرية من ايحائه وايقاع اخر حرف من نبرة كلماته وغمرة تواصله معها لغة اخرى …وحين تبزغ القناعة الشخصية بحقيقة الانجاز الجديد ومدى تجاوزه الابداعي لماسبقه من نصوص يقف الشاعر متأملا ماكتب يحاول الصياغة الجديدة مرة اخرى والتدخل في مسارات التجربة ومدى تفاعلها مع الواقع ودراستها علميا اي بالعقل الواعي المبدع الناقد ليأخذ القناعة بنجاح الانجاز وامكانية تجاوزه لحالته السابقة فلا يكرر نفسه ولا يعيد ترديد مايقوله الاخرون ليكون جديد متفردا عابرا المسارات بثقة التجديد فهو يحاول الصياغة مرة اخرى ليدخل الممكنات الضرورية الواعية مدركا ومستدركا بعد تدخلاته الخارجية والداخلية وعالم وعيه وثقافته وكل ممكناته الابداعية لرسم لوحة التخطيط المتقن لتجاوز حقيقي مقنع يتاكد به خلال تجربة النص …وهنا تبرز موهبة الشاعر الخلاق عند قراءته الاولى للنص ومايمتلك من عدة نقدية وتجربة ابداعية ثقافية ناضجة ليرى امكانية تجاوز مراحله السابقة والواقع الابداعي وحالة التفاعل الحي بكل شموليته وعلائقه وابعاده مع عناصر القصيدة وطرحها الجديد وما طرحت من رؤى وافكار وتعاليم وما الى ذلك ليقف فوق ذاته وبوعيه الحاد ليكون بحق الشاعر الناقد ليخضع البناء العام لمحاولة الترميم والبناء والكتابة الواعية المدركة لاهمية مايكتب فهو يتماوج بين الارهاف العال والذكاء الفطري وحالته المتوافقة بين عناصره الداخلية والخارجية بالهامه الحقيقي وانفتاح ذهنيته على الصفاء التام الذي يحول المرئي الى لامرئي واللامرئي الى مرئي وخلال عملية تفاعل صميمية لا يمكن تحديدها ولا تحديد عناصرها وهذا هو السر الاسمى في الشعر الحقيقي المجدي …فالحافز الشعري ينهض بالشاعر المبدع ليحولة الى انسان جديد يتأمل كتابته المبدعة السابقة ليقارن ممكناته وطروحاته مستحضرا كل ممكنات ذلك التفاعل وتواصل مغامرته العنيدة في محاولته للعثور على النص الخاص به والذي يمثله بكل ماتحتويه الهوية الأبداعية من خصوصية وتجاوز وتاثير وهو يحمل خلالها ذاكرة الكتابة الجميلة التي تحمل الماضي بكل عنفوانه وتحديه وتحمل نبضات الاخرين والاسلاف مثلما يقول اليوت ((ان النضج الأدبي هو ان نتذكر اسلافنا وان نشعر وراء هذا النص اسلافا…))..