يريد الذين يجدّون في الابتكارات والبدع لتغيير ديننا الحنيف بحجج التجديد والتغيير والصحوة و ما الى ذلك، ان يحرروا الدين من منهجيته وقواعده و اصوله التي يعتمد عليها في حفظ عقائده واستنباط احكامه و نشر ارشاداته .
والطامة ليست في الطارئين على العلم الشرعي او المتنطعين عليه من ارباب العلوم الاخرى أو اصحاب المهن الاخرى الذين صار التقول في علوم الدين هوايتهم التي يقضون بها فراغهم او يغطون بها فشلهم في اختصاصاتهم وعطلهم عن وظائفهم التي سخرهم الله لها ضمن مبدأ التخادم البشري، فهؤلاء لايلتفت الى كلامهم الا من اشباههم والا على سبيل الجدل الفارغ وتسلية النفس الضجرة، لكن الطامة ان ياتي ذلك ممن ينتسب الى العلم الشرعي ويتسمى باسم طلابه واساتذته ، و لعل وراء بعض هؤلاء منظمات او مؤسسات او ايديولوجيات تدعمهم او تدفع لهم ، ولكن البعض الاخر ليس وراء ابتداعه هذا وانحرافه عن المنهج الذي يعرفه ودرسه وسار عليه ، الا هوى نفسه او طمعا في الاشتهار او رغبة في المخالفة ،
ولذا فان هؤلاء اخطر على الدين من سقط المتاع المتشبثين بالالتصاق بعلوم الشرع وهم لم يستحصلوها ولم يدرسوا في جامعاتها ومدارسها وحلقاتها وعلى شيوخها ، فهؤلاء نعريهم احيانا ونعطيهم بعضا من وقتنا وجهدنا الذي لايستحقونه -و لكن كتسقيط فرض- فقط لفض جهلة العوام وسفائهم عنهم ، اما الهجوم الاخطر والصد الاكبر فهو ممن تشير اليه الناس انه تخرج على يدي الشيخ الفلاني او درس في الجامعة الفلانية فنال اجازة او شهادة اولية او عليا ،
كما يحدث في مصر اليوم من ظهور سعد الهلالي الذي يتلبس العلمانية او محمد عبدالله نصر الذي يدعي المهدوية ،او خالد الجندي الذي يعتقد السيساسوية -كما يصرح-. او في بلاد الحرمين من حاشية الحاكم المرتد خفية عن دينه هناك كعبد العزيز الريس الذي يخصص للحاكم نصف ساعة يوميا على التلفزيون يزني ويشرب الخمر دون جواز الانكار عليه من الناس، او السديسي القارئ الذي يدير عملية التطبيع او عادل الكلباني الذي صار يدير صالة “شرعية” للقمار بعد بضع سنوات قضاها في إمامة المسجد النبوي ،، وامثالهم ، أولئك الذين تخرجوا من اروقة معاهد العلم الشرعي ثم خرجوا عليها ،فصار مكانهم الإعلام والوزارات ، و أضحى السجن مكان أقرانهم العاملين المجتهدين الثابتين .
هؤلاء لو كان لهم في اجتهادهم اسس من التي درسوها لما اعترضنا ، ولو اتبعوا مناهج الأولين او نقحوها او ناظروها او ردوا ماضعف منها و اقروا ماصلح ، لما لاحاهم احد فهذا طريق العلم والتكامل والتفاضل ،ولكنك تجد النفر منهم يغير المنهج ويتيح العبث والاجتهاد دون ضوابط،، فلا حجاب ملزم للمراة “وحجته القرآن” ولاتحريم قاطع للخمر “و دليله القرآن” ثم لا موانع معاصرة للربا حيث تغير امر الاقتصاد والمعاملات المالية اليوم “و برهانه القرآن”، وهكذا الى ان يصلوا الى مايريد ان يصل اليه الفريق الاول من المتطفلين على العلم الشرعي وليسوا من اهله الذين اشرنا اليهم كشحرور وعدنان ابراهيم وعبدو ماهر وماشابه من كل قطر ، فهؤلاء لاسامع لهم الا الجهلة اذ هم لا اجازات علمية لديهم في الشرع الحنيف ولا شيوخ ، وانما متنطعون مأجورون او متقولون ، و مثلهم كل من يتكلم من راسه دون مؤهلات تعضد علمه ، انما رغبة في ركوب الموجة. وهكذا تجد النفر المنحرف عن منهج العلماء من المتأهلين علميا يلتقون مع اولئك المتطفلين في غاية دفعهما اليها شيطان واحد ، انسي او جني .
فالمصيبة في الذين حققوا إجازات في العلوم الشرعية وتخرجوا من جامعات وحصلوا شهادات . الذين اصابتهم العدوى و يريدون ان يفتحوا الباب لكل مشته ان يفسر ويرفض ويقبل مايشاء بحجة ان له عقل ويعرف القراءة وتحت يديه آيات القران ، فعجبنا من الذي أعد ليكون عالما يتبعه الناس و اذا به يتبع جاهلا او طارئا او متطفلا على علوم الشريعة والقرآن ويقتدي به ويقلده.
فاذا -انكرنا الاجماع و ابعدنا السنة الصحيحة ، وحاربنا المذاهب وطعنّا في المدارس وحرّمنا الاتباع- كما يريدون ، وصار كل ذي عقل يتبع عقله ، فكيف سنلوم التكفيريين الذين بقتلون الناس؟ الم يأتونا بتفسيرات شاذة قالها من هم مثلهم او ابتدعوها من عندهم فقتلوا الناس بها؟ و اذا قلنا للمراة ان آية الحجاب يمكن ان تقرا على انها شيء آخر او شكل آخر ، وان اجماع علماء الامة لاحاجة له فكلنا ذوو عقول ونفهم القران ، فتسير المراة على فهمها ويسير المراهق على فهمه ويسير المتطرف على فهمه ، أولن ياتيك بعد ذلك من يقول ان الزنا كان له مفهوم اخر واليوم لايجوز تحريمه لأن القران يقول شيئا انا فهمته غير فهم الأولين “كما أحل شحرور لأتباعه الزنا في فديو مصور” ، الن ياتيك من يقول ان نظرية التطور الداروينية الإلحادية لها شواهد من القران كما “ادعى عدنان ابراهيم في فديو مصور” و ان “كبار الصحابة هم من أشار اليهم القرآن على انهم مردوا على النفاق “كما قال عبدو ماهر في فديو مصور” ، فيسحب قدمك كما يفعل الشيطان بكلام معسول وجمل منمقة لتزلّ في هاوية الابتداع ثم التنصل من كل الدين رويدا والعياذ بالله.
الن ياتيك بعد ذلك من يطالبك ان تثبت له من القران ان الصلوات خمس و انها بالكيفية التي تؤدى اليوم؟ الن يتمكن -والامر منفلت هكذا ودون ضوابط ولا منهج ولا اجماع ولاقياس ولا سنة- فيقول لك بل الصلاة والصوم والحج يفعل هكذا وهكذا وانتم قلتم لي اعمل عقلك وانا اعملت عقلي وتوصلت لهذا ،
ثم هلم جرا ودون ضوابط ولا علوم ولا مناهج ولا شيوخ ولا علماء ولا لغة عربية ولا مقارنات القران ولا اسباب نزول ولا ناسخ ومنسوخ ولا اسانيد ولا تواتر ، الى ان يصل بك الى نسف القران نفسه الذي يحتج به اليوم غوايةّ ، فماذا سنقول له عند ذلك؟ توقف اخي فما اردنا -بانكار الاجماع والسنة وعلوم الاولين – هذا المراد! أم إننا سنتبعه ونتبع هوانا و خطرات عقولنا السقيمة المنفردة العاجزة عن ادراك الحق الا برحمة الله وكتابه وسنة نبيه الصحيحة وتعضيد اجماع علماء الامة وعقول عقلائها متعاضدين ، وعلومها وصحة المنهج ومؤهلات الاستنباط والتمكن من اللغة العالية والأصول و المصادر وعلوم الكلام والاسانيد والتحقيق والفلسفة والمنطق والتفسير ،
و هكذا أمر كل دين بل كل نظام دنيوي ايضا ، فهل رايتم او سمعتم بدين او نظام مدني يترك لكل منحرف عن منهجه او متنطع او متطفل عليه ، او طارئ على علومه وتخصصاته وميادينه ان يغير ويبدل ويفتي وينظر في الأحكام والعقائد من ظنه وهواه وتفسيره ، ام هي أحكام وضوابط ومناهج ومصادر و أسس وعلوم استكملت عبر أجيال بدات بالاقتباس من نبي ذلك الدين و هدي الكتاب الذي معه ،
فإذا سار كل “ذي فراغ في الوقت” على هداه ، وكل “متطفل على العلم الشرعي” على هواه ، و كل “من ظن في نفسه الأهلية” على رؤاه ، فهذا أفتى وفسّر ، و ذاك نظر و قدّر ، وتلك تفكرت وابتدعت ، و اختها سمعتها واتبعت ، لم يعد دينا للاتباع والنجاة بل دينا للعابثين.