سؤال يستوجب الحضور في المجتمعات التي ترفع رايات الدين وتطغى على وسائلها الإعلامية الوجوه المدعية بأنها تمثل الدين , وواقع حالها ينخره الفساد والإفساد وتنعدم فيه القيم والأخلاق , ويسود الظلم والقهر والحكم بالحرمان من الحاجات.
مجتمعات تتسلط فيها الأحزاب التي تسمي نفسها دينية , وما أجنزت سوى الخراب والدمار وإشاعة الضلال والبهتان , وكل منها يقول بأنه يعبر عن الدين , وقادتها من أفسد الفاسدين وأمهر المتاجرين بالدين.
في هذه المجتمعات يجب أن نتساءل عن المقصود بالدين , وما هو تعريف هذه الأحزاب للدين , وما تعنيه بأنها دينية؟!!
إذ لا بد من الوصول إلى جوهر مقاصد المصطلحات والمسميات , وإلا يتحقق قتل الدين ومنطلقاته الإنسانية الرحيمة بما تدعيه هذه الأحزاب التي بسلوكها تعادي الدين.
إذا بحثنا عن الدين العمل فلن تجد له مكانا ولا دورا في الحياة العامة , بل ينتشر النقيض تماما , وإذا بحثنا عن الإدعاء بالدين , فالمجتع بأسره يرى أنه يمثل الدين , وأن ما يقوم به كل واحد هو الدين القويم , وعندما تبحث عن المنافع المشتركة المتحققة يإسم الدين , لن تجد إلا التناحرات والتصاراعات والطائفيات والمذهبيات والمناطقيات والتحزبيات , والفرقة العارمة والسوء المستقيد.
فأين الدين الذي يُدّعى؟!!
وأين الرب الذي يعبدون؟!!
إن ما تقوم به الأحزاب المدعية بالدين ومن يمثلها من الرموز السياسية المعممة , سلوك معادي للدين ومدمر لروحه وقيمه ومعانيه وجوهر ما فيه , وقد أنجزت ذلك بإتقان مبين , على مدى عقدين من الزمان , فأوجدت جيلا يعادي الدين وينكره وينفر منه بما أقدمت عليه من سلوكيات متنافية مع أبسط القيم الإنسانية المعاصرة.
وهذا يعني أن المجتمعات التي تسيّدت فيها أحزاب مدعية بالدين , ستتحول إلى مجتمعات بلا دين رغما عن الذين يتصورون غير ذلك , لأن معطيات العصر وتفاعلاته المستنيرة قد تجاوزت مفاهيم الأديان , وأمعنت في تحقيق إرادة الحياة الحرة الكريمة.
ولهذا فأن مصير الأحزاب المؤدينة إلى بئس المصير , ولن تدوم لو آزرتها قوى الدنيا بأسرها , لأن إرادة العصر وقوانين الدوران عصية على أية قوة أرضية , مهما توهمت بجبروتها وعنفوان ما تملكه من إقتدار فتاك.
فالأرض تدور وكل ما عليها يتبدل وأن رحمها ولود , ولن يدوم أي حزب متمذهب حقود!