الأحداث التي تواصلت منذ السادس عشر من شهر آب لسنة ألفين وواحد وعشرين , وكُتب عنها الكثير من التحليلات والتفسيرات , والمقارنات , والبعض شبهها بما جرى في فيتنام , وآخرون أطلقوا عليها “فيتنامستان” , وغيرهم تكلم بلغة المؤامرة , والكثيرون إعتبروها من نتائج الإتفاقات الجارية منذ أكثر من سنتين في قطر.
ولم يتطرق الكُتّاب والمحللون إلى موضوع جوهري , أو نظرية إتخذتها القوى الغربية صراطا تسير عليه , أو بوصلة تحدد بموجبها خطواتها إزاء الأمة بأسرها.
وهذا الموضوع أن “الأمة أوجدها الدين , وبالدين يمكن قتلها” , وقد تحقق إستعمال الدين للنيل من إرادتها في معظم دولها , ومنذ بدايات الربع الثاني من القرن العشرين , وبلغ ذروته في العقدين الآخيرين منه , وتواصل إلى ما بعد الذروة في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين.
وما حصل من أحداث أخيرة , أثبتَ فشل تلك النظرية , فالأمة لا يقتلها الدين , والمحاولات الطائفية والفئوية والتفريقية بأنواعها وأساليبها لم تفلح في القضاء عليها , بل زادتها عزما وثباتا وقدرة على المطاولة والإقدام.
ويبدو أن الذين توهموا بتلك النظرية لم يقرؤوا تأريخ الأمة جيدا , ولم يتمعنوا فيما واجهها , وكم من المحاولات التي إنطلقت لقتلها بدينها ففشلت فشلا ذريعا.
ذلك أن الدين شجرة لها أغصانها , وإن تقاتل غصنان أو أكثر من أغصانها فلا يعني أن الشجرة ستموت , وإن قطعتَ بعضها , فأنها ستشحذ عزيمتها وتطلق أغصانا أكثر وأقوى , وهكذا ديدن أي دين , فالتفرعات في الدين مبعث قوة لا ضعف.
ولهذا تجد الأديان فيها العديد من المذاهب والطوائف والفرق , لأن حيوية الدين وقدرته على التواصل تتحقق بتفرعاته المتفاعلة أيا كانت أساليب التفاعل.
وهكذا فأن النظرية المشار إليها قد أُسْقِطتْ بالكامل , وأدركت القوى الأجنبية أن لعبة قتل الأمة بالدين ترتد وبالا عليها وتكلفها غاليا , ولن تحصد من ورائها غير الخسران.
وعليه فما وجدت بدا من التعامل مع مَن يمثل الدين في البلدان التي حاولت أن تقهرها بالدين , فإنقلبت الآليات التفاعلية مئة وثمانين درجة , ولن تُلدغ هذه القِوى من جحر الدين بعد اليوم لا مرة ولا مرتين!!ش