18 ديسمبر، 2024 6:14 م

ديموقراطية بلباس دكتاتوري

ديموقراطية بلباس دكتاتوري

أغلب النظريات السياسية والقانونية لاتحبذ إقامة أنظمة غير مركزية تتم فيها تقاسم السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية في الدول النامية ، لأسباب كثيرة، 
 منها تنازع الإختصاص والتجاوز على السلطات الممنوحة 
والسعي الحثيث للاستحواذ على السلطة  والاستئثار بها ، 
بكافة الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة ، وجعلها بيد أفراد الحزب أو الكتلة قدر المستطاع وتسخير المال العام والتعسف في إستعمال السلطة بالاقصاء والتهميش وعدم الإعتراف بالحقوق واستبعاد الشركاء واستعباد الشعب مايؤدي إلى الانشغال والتقصير العمدي في أداء الإدارة الحكومية عن تقديم الخدمات العامة وإهمال الوطن والمواطن وغض الطرف عن نهب الثروات واستباحة المال العام والاستهانة بالحرمات واللامبالاة بمعاناة الشعب وهمومه  والنتيجة تخلف المجتمع بدل رقيه وتطوره وإفقاره بدلا من تنميته ليعيش  القهر بدلا من الرفاهية .
كل هذا بسبب قلة الوعي السياسي والقانوني في مجتمعات العالم الثالث .
وإنعدام حرص الحكومات على نشر الثقافة القانونية والسياسية ضماناً لتحقيق مصالح ضيقة لأحزاب السلطة والتسلط .هذا ماحدث في العراق …..
العراق أنموذجا لدكتاتورية من طراز خاص ،فاصبحنا أمام دكتاتورية بلباس  ديمقراطي .
 فكانت رغبة الحكام فوق الدستور ، وإنعدام مراعاة القوانين أكثر الأعراف شيوعاً ، وتسيد المسؤول والسياسي وظهرت فئات من الناس فوق القانون وأخذت السلطة تعدل القوانين والأنظمة من أجل أفراد قلائل ، وبرزت الاستثناءات والاعفاءات لبعض الأشخاص تمييزاً لهم عن أقرانهم، بل وتمادت الحمايات والحواشي والقرابات في التحكم بمصائر الآخرين في كثير من الأحيان، 
فلم نكن أمام مشروع بناء دولة حقيقية تحرس الوطن وتخدم المواطن وتسهر على رفاهية شعبها. 
بل على العكس كان الوطن والمواطن أرخص السلع في أسواق السياسة .
والشخصنة والتفرد أضحت شِرعة الساسة.
 نحن بحاجة  إلى مشروع سياسي واعي يحتوي الجميع ويُبنى على أسس متينة وتأهيل جيل قيادي رصين ، يستطيع بناء دولة حقيقية وليست مجموعة من الكانتونات المتناحرة، دولة يحكمها القانون وليس القائد الأوحد، 
سمتها شراكة القرار بعيدة عن تسلط الحزب القائد . 
دولة قادرة على تمزيق الاثواب البالية التي خلفتها السنون الماضية .
دولة أساسها قوة الوطن وسلامته وعدم الإتجار بمقدراته، وبناءها رفاهية المواطن ورفعته .