26 نوفمبر، 2024 2:41 ص
Search
Close this search box.

ديمقراطية يوسف!!

ديمقراطية يوسف!!

الديمقراطية الحقيقية ليست نظاما سياسيا خالصا وإنما جوهرها الإقتصاد , وبدون نظام إقتصادي وقدرات تنموية ومشاريع ذات قيمة نافعة للناس , لا يمكن الحديث عن الديمقراطية التي إختصرناها لجهلنا بها بإصبع بنفسجي وإنتخابات , وهي لا تغني من برد ولا تطعم من جوع.

الديمقراطية تعني الزراعة والتجارة والصناعة والبناء والنقل , والرعاية الصحية والتقدم العلمي والثقافي , وتوفير الفرص لإطلاق طاقات الإنسان , وتحقيق أعلى درجات تفاعل الإجيال وتماسكها الحضاري الواعد بمطلق الولادات.

وما تواجهه دعوات الديمقراطية في مجتمعاتنا أنها توهمت بأنها نظام سياسي خالص , وجردتها من أعمدتها الأقوى , ودعائمها اللازمة للحفاظ على إستقامة قامتها وإنضباط خطواتها , فتحولت إلى تحزّبات وتخندقات وفئويات , ومطالبات بموضوعات خارجة عن العصر , مما تسبب في تداعيات مريرة , وإنهيارات إجتماعية وأخلاقية وإقتصادية فظيعة , حتى تحوّل الفساد إلى عقيدة جوهرية في مسيرتها الدامية المكللة بالخسران.

وفي هذا إمتهان للديمقراطية , وتشويه لمعالمها وملامحها الإنسانية , وتدمير لآلياتها التي تسعى لتحقيق الرفاهية والأمن والسعادة الوطنية , فالديمقراطية عقيدة إنسانية دينها وربها وكتابها ورسالتها الإنسان , الذي تريد أن تمنحه فرصة التعبير عن إنسانيته ونيل حقوقه , والحفاظ على كرامته ودوره الإيجابي في الحياة.

الديمقراطية لا يجوز حشرها بدين أو حشر الدين فيها , إنها لا تمت بصلة لأية عقيدة أخرى سوى الإنسان , الذي عليه أن يكون عنصرا إيجابيا فعّالا في مسيرة إرساء مشاريعها النافعة للناس أجمعين , وبلا تمييز أو تحيّز وإمتهان.

الديمقراطية ضد الظلم والقهر والعدوان على الإنسان ومسّ حقوقه بسوء , بل أنها تراعي حقوق المخلوقات كافة وبلا إستثناء , لأنها تؤمن بأن الحياة حق للأحياء كافة.

ولا يمكن للديمقراطية أن تترعرع وتكون في مجتمعات جاهلة إقتصاديا ومقعدة إنتاجيا , ولا تفهم في البناء والتطلع للمستقبل , وتنهمك بهدر وجودها وطاقاتها وثرواتها وعقائدها وتأريخها.

الديمقراطية بحاجة إلى عقيدة يوسف النبي المدبّر الحكيم , الذي يبتكر وسائل ومشاريع إطعام الناس غذائيا وروحيا ونفسيا وثقافيا وماديا , لكي يتفاعلوا مع عصرهم , ويطلقوا ما فيهم من قدرات الخلق والإبداع والإبتكار , والوصول إلى أقصى حالات الإنتاج النوعي المتميز.

فالديمقراطية نظام إقتصادي أولا , وعلينا أن نستيقظ وننبذ معوقاتها بأنواعها وأصنافها وضلالاتها وخداعاتها التي تمتهن جوهر الوجود الإنساني , وتفسد في الأرص!!

فهل عندنا ديمقراطية يا أولي الألباب؟!!

أحدث المقالات