18 ديسمبر، 2024 11:25 م

ديمقراطية الأرقام!!

ديمقراطية الأرقام!!

ذات مرة في ستينيات القرن العشرين , سألوا أحد قادة المنطقة المعروفين في حينها , عن الشعب العربي , فكان الجواب: إنه إثنان وعشرون شخص , فعن أي شعب تسأل؟!!
وفي بعض مجتمعات الأمة يتحدثون عن الإنتخابات , وبأن الشعب سينتخب , ويريدونه أن يشارك عسى أن يأتي بمفاجأة كما حصل في إنتخابات المغرب , التي صوَّت الشعب فيها بحرية وإرادة ذات إستقلالية فاعلة , فحقق ما يريد.
وهذه المجتمعات يمكن إختصارها ببضعة أشخاص , فعن أي إنتخابات يتحدثون؟
الديمقراطية بحاجة لمجتمع حر الإرادة , يقرر مصيره وفقا لما يراه ويقيّمه , ويختار مَن فيه أمل لتأمين مصلحته وبناء وطنه , أما أن نتحدث عن الديمقراطية في مجتمعات مختصرة بأشخاص يتحكمون بمصير الملايين , فأنها أشد من الديكتاتورية والإستبداد والطغيان , لأنها تمنحهم شرعية بأصواتها , فيكون الإستبداد هو الديمقراطية , وعلى الناس أن تتبع وتخنع وتخضع , وتدعهم يصولون ويجولون , ويعبثون بشؤون البلاد والعباد.
هذا ما يجري في بعض المجتمعات التي ينخرها الفساد , وتتفاعل فيها الطائفيات والمذهبيات والفئويات , وتتمنطق بالديمقراطية , وتحسبها إنتخابات وحسب , وهي لا تقيم وزنا لوطن ومواطنة , ولا تعبر بسلوكها عن الوطنية .
أما المواطن فهو رقم لا أكثر , يمكن جمعه وطرحه وضربه وقسمته على نفسه , دون إكتراث وإعتبار على أنه بشر أو بعض إنسان , ولهذا تكون حقوقه مهدورة , وإن طالب بها يُعدُّ من الخارجين عن مسار السمع والطاعة , ومن المعادين لكذا وكذا من التوصيفات التي تناهض إرادة السماء.
والقلة المتعالية المستبدة من البشر تتمتع بقدسية ومثالية , وتتصرف بأمر ربّها الذي تستحضره على هواها , وما فيها من النوازع المطمورة , التي تعززها أمّارة السوء الفاعلة فيها.
ولا فرق في مجتمع كهذا بين أن تنتخب أو لا تنتخب , لأن النتائج محسومة , والحالة مرسومة , والأرقام تُجمع وتضرب وتطرح , لكي تتحقق النتيجة التي عليها أن تكون , لخدمة مصالح الأسياد , وتأمين إرادة الطامعين في البلاد.
فهل وجدتم رقما ينتخب؟!!