ظاهرة تتنامى في واقعنا التواصلي , وتكثر المقالات والخطابات التي تقارن فعل السوء الحاصل في مجتمعاتنا بفعل السوء في مجتمعات غيرنا , وتحسب سوءَنا خيرا بالقياس إلى سوء الآخرين!!
فأين المنطق والصدق في هكذا مقارنات؟
لماذا لا نعالج سوءنا بدلا من إدامته بمقارنته بسوء أشد منه في مجتمع آخر , لا يمت بصلة لواقعنا القيمي والأخلاقي؟!
والعجيب في الأمر أنكَ كلما أشرتَ إلى خطأ , تُجابَه بالذين يستحضرون ما هو أقبح منه, قد حصل في زمن قبله , أو في مجتمع آخر , ويحسبون ما يقترفونه لا قيمة له ولا يستحق الذكر.
فعندما تقول لماذا هذا الظلم والخطف والقتل المروع ومصادرة حقوق الناس , يأتيك الجواب جاهزا ومنفعلا , وهل كان مَن سبقنا يقترف أقل من هذا , مهما فعلنا فلن نفعل مثلما كان يفعل!!
فكيف تجد حلا لهذا السلوك الذي يدور في دائرة مفرغة؟
هل أن العقول معقورة ومكبلة بما مضى وما إنقضى؟
إنها لحيرة سلوكية ومنطلقات تعويقية , تؤبّن الحاضر وتنفي المستقبل , وتجرد الأجيال من طاقاتها وقدراتها الحضارية اللازمة للتعبير عن ذاتها وموضوعها.
فالواجب يستوجب التحدي والإقدام والنظر الواثق للأمام , لبناء الوجود الأصلح لإنطلاقة الأجيال , وتفاعلها الإيجابي لصناعة الحياة الحرة الكريمة.
كما يستدعي التفاؤل والعمل الدؤوب لتحقيق التطلعات والأهداف , بعيدا عن المعوقات والتفاعلات الخسرانية الإستنزافية التي تعطل إرادة أكون.
فهل لعقولنا ونفوسنا أن تتحرر من قشرة البصل التي تغلّفها وتطمرها في داجيات الظنون؟!!