18 ديسمبر، 2024 6:11 م

كثيرا ما أثارت نظرية كارل مراكس المتعلقة بالديالكتيك (أو الصراع الطبقي بين البلوريتاريا وبين أقطاب الرأسمالية البروجازية- والتي تنتهي بحسب كارل ماركس إلى انتصار الطبقة المسحوقة من البلوريتاريا – العمال المسحوقين- على النخب الإقتصادية، من أصحاب رؤوس الأموال) انتباهي تارة، وشغفي تارة أخرى، وحنقي عليها في أحيانا عديدة، وكنت أحاول ان أشم أي رائحة لتمثل هذا الصراع، في كل نواحي الحياة الإقتصادية. صراحة لم أجده.
ولكنني وجدت أن نظرية كارل ماركس في الديالكتيك (جدل الصراع الطبقي)، قد بدأت تظهر بوادرها بوضوح كبير جدا، ولكن ليس في مجال الإقتصاد كما توهم كارل ماركس، وإنما في مجال الإجتماع والثقافة.
فما نشهده اليوم هو ثورة الطبقة الجاهلة (البلوريتاريا الثقافية)، والفقيرة في ما تملكه من أدوات معرفة، والتي تتميز بالسطحية والجهل والبساطة الفكرية والأخلاقية، ضد كل صروح ومنظومات المعرفة والعلم والتطور، بل ضد كل طبقة (الانتليجنسيا- النخب والطبقات العلمية والفكرية)، هي خير تمثيل واضح وصارخ لثورة هذا النوع من البلوريتاريا، والذي تنبأ ماركس بشبيهه، ولكن في صراع طبقي اقتصادي، حيث بدأت ملامح ثورة خفية تنتشر رويدا رويدا، بالسيطرة على كل مفاصل الحياة الاقتصادية والصناعية والسياسية، عمادها عوام الطبقة المسحوقة ثقافيا وعلميا، من التي تتميز بالسطحية وضعف الفهم وشكلية المعرفة.
مجال الديالكتيك الماركسي اليوم (بحسب وجهة نظري) هو ليس الإقتصاد، بل بات المجال الثقافي (الألكتروني عبر أدوات التواصل الإجتماعي) هو مجاله الأكبر والأعظم .
بل وباتت دول وأحزاب وتيارات سياسية وأكاديمية، تتعمد تصدير شخصيات هزيلة في محتواها العلمي والمعرفي، في واجهات علمية وسياسية، من أجل إرضاء قطب الصراع الأقوى المعادي لكل انواع النخبوية المعرفية والرصانة العلمية، وأقصد بهذا القطب الأقوى هو : عوام الجمهور.!!
كنت ولا زلت معجب بماركس كثيرا، لأنه أغنى المخيلة العالمية بالكثير من الأفكار .