23 ديسمبر، 2024 10:48 ص

أن يحكم الشعب بآليات تناسب وتحقيق مصالحه الوطنية والإنسانية , وتؤمّن حقوقه المشروعة في الحياة الحرة الكريمة , هو الذي نسميه ديمقراطية وفقا لمنظومات الرؤى السياسية المتعارف عليها.

وفي واقعنا أوْهَمْنا الدنيا بأن لدينا نظام ديمقراطي وفقا لفهمنا وتصورنا , وتفاعلنا مع الحالة التي تم إستيرادها ونقلها على ظهور الدبابات , وفرضها على الذين يفقهون بالأنانية والعدوانية والإستحواذية , من الناكرين لوطنهم والمناهضين لشعبهم.

فصار السلوك الديمقراطي يعني الإستهتار بالقيم والحقوق والواجبات , وسيادة المليشيات والتمسك بالكرسي وبأن الفساد هو الدستور والقانون , والعمائم هي القوة التي تؤمّن الفوز وتصون السلطة , وتدفع بالمغرر بهم إلى أتون الهلاك المطيّب بالأوهام والأضاليل التي تملأ جيوب المُلتحين.

فأصبح قتل الضمير وتمويته من أهم المواصفات التي تستوجب الحصول على منصب في دولة تدّعي الديمقراطية شكليا وتمارس الإستبداد والطغيان فعليا , وتتعمم بالرذيلة والفساد , وتضع الذين لا يستحون في الكراسي.

فالديمقراطية التي نتنعم بها يمكن إختصارها بكراسي تفعل ما تشاء وشعب يقول ما يشاء , وهما خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا.

بمعنى أن الشعب سيمضي في صراخه ومطالباته وإنتقاداته , والكراسي ماضية في فسادها وإمتيازاتها وغنائمها , ولا يعنيها صراخ الملايين ومعاناتهم.

وهذا ما جرى منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم!!

فالذين يتحدثون عن الديمقراطية بمعناها الحقيقي عليهم أن يصمتوا , فديمقراطيتنا ذات معنى آخر مغاير وفريد , بموجبه تتأمّن المصالح وتتحقق الأهداف والبرامج بإسمها الموضوع على رؤوس المكبلين بالقهر والحرمان.

ولهذا فهي “دو” أي “إثنان” , طغيان فعّال وقهر قتّال , ومساران مفترقان لا يلتقيان.

فالحديث عن الديمقراطية تضليل وبهتان , وإمعان بالهذيان , فالروح الطغيانبة تسود , بأغلبيتها أو أقليتها , وكل فريق يملك الحقائق المطلقة , وكل يغني على ليلى سيّده ومُناصِره , والشعب والوطن في دوامة الوجيع المتوّج بالجور وضياع حقوق الإنسان.

فأعيدوا الديمقراطية إلى ديارها , وتفاعلوا مع المواطن المُستلب الحيران على إنه إنسان!!