22 نوفمبر، 2024 9:42 م
Search
Close this search box.

دول عميقة في العراق بدل دولة البعث

دول عميقة في العراق بدل دولة البعث

يمكن ان يعزى كل شئ الآن إلى مفاعيل دول اخترقت على مدى العقد الأخير دولة العراق الرسمية المعروفة لدى العالم ، وهذه الدول العميقة تمحورت حول ثلاثة أنواع ، الأولى دولة الاحزاب المهيمة والتي تكونت على يد بعض قواعد دولة البعث التي تسللت الى احزاب النظام الجديد ، الدولة العميقة الحزبية ، وهذه تساندها دولة مجاورة ، والنوع الثاني ، تمثل في دول الرأسمال العميقة ، التي تولدت عن فعل الرساميل الكبيرة المسروقة من الدولة الرسمية بعد السقوط ، اما النوع الثالث فهي دولة رجل الدين الذي خرج توا عن أصول الدين ليبني دولة السياسة ، ولقد كان للتطبيق المستعجل للنظام البرلماني ان فتح المجال لكل الخروقات القانونية التي مهدت السبيل لإضعاف قوة الدولة العراقية التي حملتها منذ التأسيس . لتقاسم مثل هذه الدول والتي تعمل اليوم كما عملت منذ السقوط إلى توزيع المناصب العليا للدولة الرسمية ، لتكون هذه المناصب بمثابة رأس الزلنطح الذي يظهر عند الاستحواذ على الفريسة ، وما الفساد المحمي من قبل هذه الدول الا وسيلة لتمويل أنشطتها على جميع الصعد .
لقد تحول التنظيم الحزبي لأغلب الأحزاب العاملة على الساحة إلى نشاط تجاري ريعي ، تارة يأخذ شكل الاستحواذ على النفط الخام وتارة الاستيلاء على الأراضي الأميرية او الاستحواذ على العقار العام ، او الاستحواذ على المال العام او الرصيف العام او الامن العام او حتى الكل العام ،وتحول الصراع بين هذه الدول العميقة الى منافسة تجارية واضحة من خلال بيع وشراء المناصب او الاقتتال عليها ، وصارت هذه الاحزاب من خلال دولها العميقة تشكل مافيات تعمل على أخافة بعضها البعض الاخر او تعتمد على ميليشيات مسلحة لتكون بمثابة الجيوش النظامية التي تجمع الواردات اليومية او تقدم خدمات الحماية للبارات والملاهي ومحلات بيع الخمور او أي نشاط تجاري مخالف للقانون ، كما ان بعض هذه الدول باتت تتقاسم الكراجات او الساحات ، او الاسواق لجمع الاتاوات او حتى الشوارع كي تحصل على جمع الاموال من سواق الكيات او التاكسيات .
ان العدوى التي انتقلت إلى النظام الجديد جراء متانة الدولة العميقة للنظام السابق جرت وراءها أمراض كانت في السابق تعمل على تقوية الدولة الرسمية وانها رغم الفوائد الجانبية لاعضائها كانت تحمي تلك الدولة ، لان القيادة لتلك الدولة والدولة الرسمية كانت قيادة واحدة، اما الدول العميقة اليوم فهي تمثل جهات متعددة هدفها المنفعة الذاتية لذلك تراها تؤذي الدولة الرسمية وان كان بغير قصد او قصد ولكن النتائج كلها تشير إلى عدائية واضحة حتى ولو كانت غير نابعة عن تخطيط مسبق،
ان ما تمر به دولة الديمقراطية المستعجلة يعبر عن سؤ فهم لدور الدولة عند الجهات الحاكمة ، فهي جهات باتت تضع مقاييس للدولة وفق مقاسات الدول العميقة ، وتحولت الدولة هذه الى ثدي يرضع الشبعان ويحرم العاطل والجوعان وان موارها مفتوحة بكل اتجاه نحو الصرف الحكومي السفبه ، ونحو الاهداف البعيدة عن المواطن العادي وصارت الدول العميقة ملتصقة بجسد الدولة تمتص دمائها دون رحمة ، وجعلها دولة هي مقودة لا هي من يقود ، وهذه الحال ان استمرت فان نتائجها وخيمة لا تعرف عواقبها ….

أحدث المقالات