22 ديسمبر، 2024 9:38 م

دول الخليج بين جنة الصهاينة ونار الفرس

دول الخليج بين جنة الصهاينة ونار الفرس

لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية بعد خروج مصر من حلبة الصراع العربي الاسرائيلي وما تبعها من اتفاقات سلام اخرى ولّدت انقسامات عربية كبيرة استغلها النظام الايراني الجديد الذي جاهر بمشروع تصدير الثورة وتاجر بالقضية الفلسطينية لاستمالة المشاعر العربية كبداية للتدخل في الشؤون الدخلية للدول العربية الى ان انكشفت عوراته وظهرت أكاذيبه في استغلال قضية فلسطين لتحقيق مآرب سياسية توسعية ادت الى تخوف العرب من سلوك واجندة ذلك النظام الذي كان السبب في رفع عبئ ثقيل من كره العرب لأسرائيل التي احتلت فلسطين بينما النظام الايراني يتبجح باحتلال اربعة عواصم عربية والقيام بإنشاء ميليشيات مسلحة موالية له في اغلب الدول العربية مما دفع البعض من الدول الخليجية الهزيلة التي تشعر منذ نشوئها بهاجس الخوف من الاشقاء قبل الاعداء الى الارتماء في وهم جنة الصهاينة خوفاً من نار الفرس خصوصاً بعد نجاح المشروع الايراني في اختراق جسد امة العرب لان ماحققته ولاية الفقيه من تغلغل خلال عشر سنوات يفوق ماعجزت اسرائيل عن تحقيقه في سبعين عام، والسبب لان ايران باتت تمتلك من الاتباع العرب كأنهم جالية ايرانية في البلاد العربية وصارت طهران قبلة لهم مثلما كانت اورشليم قبلة لليهود مما استغلت ايران وجود تلك الاتباع في تحويل الصراع العربي الصهيوني الى صراع طائفي عقائدي وكثير من جسد الامر بأنها حرب بين جيش الحسين وجيش يزيد بينما حقيقة أجندة ايران وفق رؤيا ستراتيجية تضع الدين في خدمة مشاريعها السياسية لان القومية تتقدم عندهم على الدين والمذهب، بينما العرب يضعون الدين في خدمة الكرسي لأن الحاكم العربي يفتقر الى عقيدة سياسية لذلك بات يبحث عن شرعية وجوده من الخارج لانه غير قادر على رسم ملامح خطة متكاملة في بلورة مشروع قومي يؤدي الى تحقيق نظرية الامن القومي العربي والإقليمي لحماية المصالح الوطنية والقومية المشتركة وذلك لانعدام الثقة فيما بينهم من جهة ومن جهة اخرى الانقسامات والصراعات العربية العربية التي حالت دون تحقيق ذلك .. لذلك باتت دول الخليج في خيار صعب ما بين قبول التطبيع مع الصهاينة او تجرع السموم الفارسية القاتلة حتى أقدمت الامارات على التطبيع مع اسرائيل وهذا ما سيجر الدول الخليجية الاخرى لنفس المسار الذي سارت علية الامارات نتيجة تخوفها من التهديدات الإقليمية المستمرة، وهذا ليس مبرر لارتمائهم في حضن اسرائيل بقدر ما هو نجاح الدبلوماسية الأسرائيلية في استثمار العداء الايراني للعرب واستقطاب الدول العربية بشكل منفرد باتفاقيات سلام كان سببها المبرر الذي قدمته ايران لأسرائيل نتيجة غطرستها وأحقادها وتهديداتها المستمرة وثاراتها التي تمتد جذوره الى بطون التاريخ وفق بناء ثقافة عدائية على مدى الأجيال الفارسية بان العرب أعداهم التاريخيين ولابد من الانتقام ممن كانوا السبب في تحطيم امبراطوريتهم المنقرضة، لذلك اعتبر دعاة التطبيع مع اسرائيل وفق مبررات قناعتهم بالاتفاق، ان خطر الفرس على العرب اكبر من خطر اسرائيل التي يعتبرونها دولة طارئة وعدائها للعرب ليس له جذور تاريخية ولا اطماع توسعية حسب زعمهم كما هو الحال مع ايران التي تهددهم كل يوم جهاراً نهاراً … ومع كل ما تقدم من مبررات فأن حقيقة التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس الا اتفاقات سياسية هشة بين حكومات، لان العامل النفسي وذاكرة الشعوب لازالت لا تسمح بفتح الأبواب لمن صنع المجازر واغتصب الارض .