22 ديسمبر، 2024 11:59 م

دولتنا … أضعناها أم ضيعوها ؟

دولتنا … أضعناها أم ضيعوها ؟

إنه من الصعب جداً أن يمسك المرء قلماً ليكتب كلمات من قدره المحتوم ، و ان يقر بأن احلامه في بناء كيان سياسي مستقل له قد ذهب سدىً ولو لفترة ، فقد ترددت كثيراً , لانه كان أمل الطفل الذي بدأ مشواره الدراسي في السنة السادسة من عمره و شعاعها تنطلق به
الى الافق ، و هذا الجامعي الذي يرى فيها بصيص من الامل ليخدم فيها وطنه ، و تلك المرأة التي أنجبت و أنجبت دون تردد ليخلف وراءها جيلاً ينعمون بحريتهم في دولتهم ، و ذاك المسن الذي قضى سنوات عمره بين المأسي و المحن و يأخذ حلمه البياض من
بياض شعره الناصع الجميل و قد أنحنى ظهره من كثرة حمل الأعباء و مرارة الايام ليرى أبناءه يفرحون ، و ذلك الكاسب الذي تشققت اياديه لكسب العيش و احلامه تنفجر من أداة عمله ببريق ينير دربه ويُنسي تعبه ، و ذاك و ذاك , و كان الحلم عنوان أشعار الشعراء
و بها غنى الفنانين و مادة دسمة للكتاب و المحللين و بأختصار كان الشغل الشاغل لكل من يعيش كوردستان و كلٌ بطريقته الخاصة .
أختلفت الآراء و تعددت الاسباب التي أدت الى ذهاب احلامنا و دولتنا أدراج الرياح بين الاتهامات المتبادلة بالخيانة و روح التآمر و مد اليد للأعداء ، و عدم تقدير الواقع بشكل جيد او تقيم موازين القوى ، و دراسة معادلتها برؤية واضحة او سوء دراسة مكامن القوة و
الضعف التي نمتلكها او يمتلكها الأعداء ، و بُعد القيادة عن مأسي و معاناة الشعب الكوردستاني الذي قدم أروع امثلة في التضحية و الاخلاص في السنوات الماضية و خاصة الثلاثة الاخيرة منها بين محاربة داعش الأرهابي و تحمل الظرف الاقتصادي المتردي ، و
صلابة إرادته و موقفه في الادلاء بصوته لبناء دولته المستقلة في أستفتاء شعبي بتاريخ 25/9/2017 ، او ان المؤامرة الدولية التي حيكتها العراق مع دول الجوار (ايران و تركيا) بمباركة المجتمع الدولي كانت بحجم لايطاق . و اختصاراً يبدو اننا لم نعتبر من دروس
الماضي المرير من جالديران و لوزان و سايكس بيكو و الجزائر ، او اننا شعب قُدر لنا ان نعيش تحت سياط الاعداء يفعلون ما يشاء بين ترهيب و ترغيب محدد و وعود واهية ، وأن مؤامراتهم ودسائسهم لا تعرف الحدود .
إن الاحداث التي شهدتها مدينة كركوك (قلب كوردستان النابض) يوم (16/10/2017) من دخول قوات الحشد الشعبي و الجيش العراقي بعد اتفاق مشؤوم ذهب ضحيتها عدد من الابرياء الذين كانوا لقمة دسمة لنيران تلك الجيوش بروح المؤامرة ، و تلتها احداث مريرة من
خروج المواطنين و تدمير البيوت و ملاحقة المناوئين لتلك السياسة، أطفئت حماسة الشعب الكوردستاني و تلك الشعلة الملتهبة في نفوسهم و أفقدهم الأمل فقد كانت انتكاسة شديدة الوقع لأنها انتزعت تطلعاته في بناء الدولة من مخيلته .
مهما يكن في الامر و من خلال المتابعة و التحقيق من لدن ذوى الإختصاص في التاريخ سواء من الكورد او غيرهم تؤكد بان عدم تحقيق أماني الشعب الكوردستاني ، أو انهيارها ، منذ الدولة الميدية الى يومنا هذا تكمن في الخيانه و الطعن من الخلف و بُعد القيادة عن
طبقات الشعب وزيادة الهوة بينهما ، بالاضافة الى اسباب خارجية التي تأخذ الخلافات و الانقسامات الداخلية طريقاً لها لتنفيذ مأربها .
المهم في الموضوع فأن الاحداث الاخيرة ضربت احلامنا في بناء الدولة الكوردستانية بعرض الحائط و بات شيئاً من الماضي لأن الخيانة و المؤامرة لم تسمح لها بالولادة التي كانت على أعتابها ، وقد هبت الرياح بما لا تشتهيه السفن ، فأنها جرحت القلوب و أذرفت
العيون و أجهضت العملية مهما اختلفت الاسباب لأن الموت واحد و الاسباب متعددة ، ألا لعنة الله على الخونة و المتأمرين , و علينا ان لانفقد الأمل لأن لله في عباده أقدار ، ندعوه ان يكون قدرنا ان نرى حلمنا بعد ان نستيقظ من سبات الخيانة و تداعياتها المرعبة
وتبقى شعلتها لا تنطفئ في نفوسنا تأخذ من نيران نوروز نورها ومن الجبال صلابتها ومن إرادة المخلصين يشق طريقها لأنها الحق المشروع للشعب وإن طال أمد تحقيقها ، فإنها الايام التي تتداول بين الناس .