ثلاثية متصارعة حول أحقية من بمنبر الذهب الذي نصب في حسينية الزهراء في مدينة الكاظمية. وهو عبارة عن منبر فخم وعملاق مزين بالذهب والأحجار الكريمة. الثلاثية المتمثلة بالدولة ورجل الدين ثم الشعب حول هذا المنبر تمثل الصراع الحقيقي السياسي والمجتمعي ، صورة المنبر والأطراف المتنازعة صورة بليغة جدا تعبر عن ما وصل إليه الحال في عراقنا الجديد، ولننظر في الأمر من وجهة نظر الثلاثة.
الدولة تأخذ موقف المتفرج في قراراتها خوفا من التقرب لما تعتبره من المقدسات وما أكثرها حتى وصلت لصناعة المنابر في حين انه ومن المفترض أن يمارس ديوان الوقف الشيعي دوره في منع نشر التخلف والخرافات الدينية نجده على العكس تماما فهو يعتبر إن في هذا المنبر رفعة وشأن للائمة الأطهار، وهذا نتاج طبيعي عندما يتدخل الدين في دور الدولة ومؤسساتها. ومرة أخرى تقف الدولة عاجزة عن قرار اتخذه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بتفكيك المنبر ونقله لا اعرف إلى أين حقيقة وإغلاق حسينية الزهراء، ومنع الخطيب لمدة عام كامل من ارتقاء المنابر الدينية ولا اعرف أيضا كيف ومن خوله بإصدار هكذا قرارات وما هي طبيعة هذه المؤسسة التي تصدر قراراتها بأمر رجل دين! كان الأجدر بمن يحيطون بالسيد الصدر أن يقولوا له الحقيقة وان الأمور لا تسير على هذا النحو في قوانين الدول خاصة وأنهم يطمحون لرئاسة الوزراء.
إن رجل الدين الذي لا يخضع لقوانين تسنها الدولة يشكل خطرا حقيقيا خاصة في مجتمع مثل المجتمع العراقي يتأثر بالعواطف ومتمسك بالنهج الإسلامي وقد ينتج عن تصرفه أو كلام يدلي به حرب طائفية أو مذهبية، ومن المفترض أن تُشكل هيئة خاصة لمراقبة أفعال وأقوال رجال الدين ليس ذلك من شانه تقييد الحريات وإنما منعا للفتن، فان موضوع الدين حساس جدا والتعامل معه يجب أن يكون بحذر. رجل الدين الذي يلقي بخطابه لنصرة الفقراء والجياع وهو يعتلي منبر من ذهب أو يلقي عليهم قصيدة عن مظلومية الإمام الحسين وهو فوق ذات المنبر لاشك في انه مراوغ ومخادع ويعتاش على عقول البسطاء الذين لولاهم لما وصل إلى ثروته وما كسب منبر من ذهب كموضوع حديثنا.
بقي لنا أن نأتي بالذكر على الطرف الثالث المتصارع وهو الشعب فقد انقسم بين مؤيد ومعارض، وصلني عبر قناة التلي كرام للحاج ملا باسم الكربلائي نشر فيه استفتاء حول قرار الصدر بسحب المنبر تصارع المصوتون وتفرقت الأصوات ونسي الشعب المعاناة والفقر والجوع وضياع الدولة وانحراف الدين وانشغل المصوتون بالمنبر المذهب، وهذه حقيقة الشعب للأسف فهو ينسى كل همومه عندما يصل الأمر لقضية دينيه أو يصور لهم على أنها تخص الدين. فإلى متى يبقى الثلاثة يتصارعون حول الأمر ومن سيكون الرابح الأخير؟.