26 مايو، 2024 9:56 م
Search
Close this search box.

دولة مركزية بلا مركزية …حكومة العبادي مثالاً

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم يعد معنى الحكومة المركزية واضحا في العملية السياسية الحديثة المتعثرة للتغيير العراقي بعد 2003. لكونها لم تمر بمراحل تطورية حتى يكتمل نضجها مع الواقع المر الذي يمر به الشعب العراقي اليوم،اضافة الى ان القائمين عليها لم يؤمنوا بها وبالوطن قدر ايمانهم بمصالحهم الشخصية حسب لعدم ادراكهم فلسفة حكم الجماهير، لان تحكم صناعتها وتحقق مطالب الجماهير فيها تحتاج الى متابعتها لمعرفة المرجعية آلايديولوجية التي تساندها في عقيدة او فلسفة جديدة أحكمت صناعتها بغية تحقيق عقيدة الجماهير التي انتظرتها طويلامن اجل تحقيق أمانيها المفقودة .

عقيدة أهل البيت تختلف تماما عن عقيدة من يدعون انهم من اتباعهم وخاصة في مجال الحكم وسلطة الدولة وحقوق الناس . منذ البداية ان الأمام علي (ع) لم يطالب بالخلافة القصرية بل طالب بتحقيق عقيدة الشورى(,امرهم شورى بينهم) ،ووقف من الخلفاء الثلاثة الآول موقف المعارض سياسيا لكونهم مالوا نحو نظرية الأستقواء بالأتباع للحصول على الدولة كما هو اليوم عند العرب والكرد،وعدم تعاملهم مع الموروث النبوي الذي دعا الى الوقوف بجانب الرأي العام.ولأن اتباع الأمام لم يتمكنوا من تحقيق نظرية دولة الشورى ،راحوا يتشبثون بنظرية الوصية كما في غدير خم (حجة الوداع ) كما يدعون ،لكن نظريتهم جوبهت بسيف قاطع لكونها لا تقوى على الصمود امام النص القرآني.

ادرك الرسول (ص) هذا الخلاف العميق بين المهاجرين والانصار لن ينتهِ بانتصار الدعوة المحمدية ،بل يحتاج الى حركة تاريخية لاشباع الطرفين في المسائل الدنيوية ،من هنا ادرك الرسول ان العلاقة بين الفلسفة والتاريخ علاقة جدلية،لان الدين قائم على الشعوربالخلود والحرية،والشعور لا يوجد الا عند الانسان. ومن هنا ادرك ايضا القائد الجديد عند العرب بضرورة تطبيق الحق القانوني بين الناس،ولا احد يستطيع ان يوحد المجتمع الا اذا كان يستطيع ان يوحد الحقوق بينهم.لذا فأن نظرية الحق المطلق بين الناس حسب المفهوم الانساني ضرورة لتوحيد المجتمع.

لا احد ينكر ان الحقيقة هي بنت الزمن .هذه الحقيقة ادركها ابن خلدون( ت808 للهجرة) في فلسفة التاريخ حين اعتمدعلى المعرفة باعتبارها فلسفة التاريخ. لذا نادى هذا الفيلسوف الكبير من ان الفلاسفة هم اكثر معرفة بمجريات التاريخ،رغم اعترافه بالفلسفة التأملية لكنه بنفس الوقت كان يؤمن بان المعلومة التاريخية اكثر شرعية من بقية العلوم الاخرى،وان حضارة المجتمع تقوم اساسا على معرفة التاريخ،لذا اولى لفلسفة التاريخ مكانتها في تقدم المجتمع.من هذا التصور العلمي الفلسفي اخذ قادة اوربا في جعل الدراسات التاريخية الزامية في المجتمعات الاوربية.

2

لقد عمد الرسول على جعل مركزية الدولة تقوم على الحقوق المتكاملة في المجتمع دون تفريق،باعتبار ان فلسفة الحكم العادل ستصبح الرابط بين الدين والتاريخ ،فهي تدخل في صميمها لان كليهما يقومان على قوانين ازلية في تحقيق الحقوق بين الناس،فهل من ادرك هذا التوجه الفلسفي منذ البداية يمكن ان يكون اميا اي لا يقرأ ولا يكتب كما تدعي حركة التفسير الترادفي الخاطىء للقرآن الكريم.من هنا قال ابن خلدون في الحكم الظالم :ان الدولة لا تقوم الا على موازين الانسجام في تطبيق الحقوق بين الناس بميزان الذهب العادل ، اذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل. لا كما تراها مرجعيات الدين والحاكم المتبع لرأيها المقوقع في جهادية الدعوة وحكم الناس بسفسطائية التخريف.

لقد جاء في وثيقة المدينة المحمدية كل هذا الاصول التشريعية حين وضعها الرسول في قوالب من الفهم الفلسفي لا السرد التاريخي ،ولا مجرد عرض لمفاهيم عقائدية،وانما علاقة تأثير وتأثر بين الجانب الفلسفي والتاريخي في تثبيت حقوق الناس،وهي اول البوادرلفلسفة التاريخ في الحقوق الانسانية منذ ذلك الزمن المتقدم .

ان القيادات العراقية العربية والكردية كانت تعاني اشد المعاناة من هذا الفهم الفلسفي الذي طرحة الرسول في قيادة المجتمع لجهلها به ..لا بل حتى لم تفهمه هذه القيادات الطارئة على مستوى الحكم العادل بين الشعوب،فاقد الشيء لا يعطيه.

من هذه القيادات المشرأبة أعناقها للكسب المصلحي الذاتي تريد ان تنشأ دولة مركزية وشعب ينظر الى الدولة والحقوق بمنظار الحق المطلق الذي جاء به محمد(ص). امر محزن ان يقود المجتمع مثل هؤلاء الجهلة الاميين كما هو اليوم في دولة العراق الجديد في بغداد وكردستان.لذا سرعان ما بدأ الخلاف بينهم،كالخلاف الذي ظهر بين المهاجرين والانصار في بداية حكم الدولة.لكن لان التجربة الفلسفية للحكم كانت في بدايتها الروحية امكن ردم لخلاف ولوالى حين.فمن يردم الخلاف اليوم بين الزعامات الطامحة للحكم دون حقوق الجماهير.هؤلاء لا يصلحون لحكم الدولة لانهم اصلا من غير المؤهلين لقيادة تاريخ حكم العراقيين.

يا حكام دولة اللاقانون…؟

محمد (ص) بعظمته وملكه واحترامه لم يستأثر في دولته الجديدة رغم حالة الرفاهية الذي ولدته دعوته، وأهل البيت ماتوا فقراء رغم حكمهم للدولة على عهد الامام علي (ع). فلا ادري لماذا يتكالب حكام العراق اليوم على الدولة حكما واستغلالا للمال العام دون وجه حق لدرجة اصبحوا بنظرشعبه لصوصاً وقتلة ومجرمين وباعة اوطان لا قيمة لهم ولا قدر ولا هيبة بنظر المواطنين والعالمين .

فهل من يتبعون هذا المسار الخاطىء يريدون احترام الجماهير ؟.،لكن لاعتب على الأصحاب حين تركوا نبيهم يأسن بعد الممات وهم يتخاصمون على خلافة المسلين.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب