بنايات تشبه الدوائر الحكومية ،أشخاص يشبهون الموظفين، شخصيات بهندام جيد يشبهون المسؤولين الحكوميين، أناس تغدو وتروح تشبه المواطنين.. شيء يشبه الدولة!
مرت سنوات على بلدنا العزيز، كانت فيها السلطة تتكرس في شخص- أو أشخاص محددين – اما الباقون، فعملهم يتلخص في تنفيذ الأوامر والتعليمات، دون تدخل في تفاصيلها و أسباب صدورها.
تلك الفترة، مع سلبياتها الكثيرة، لكنها كانت تتسم بالنظام والعمل الجاد، فالاستهتار بالعمل، والركون الى الملذات، كان يقتصر على عدد قليل، من أصحاب المناصب العليا، أما عامة الناس، فملتزمين بواجباتهم على أكمل وجه- ربما خوفاً لا إخلاصاً- لكن بالنتيجة هناك عمل ينجز، و نظام متبع.
الأمر ليس دفاعاً عن تلك الحقبة – لا أعادها الله- لكن هو مقارنة مع ما يحصل حالياً، من إدارة متخبطة، لم تحدث حتى في الحكومات المؤقتة، في الزمن الملكي وما بعده، ما عدا زمن الطاغية، الذي ملأ المناصب العليا، بأخوته وأبناء عمومته، الذين طمع بعضهم بالسلطة، فقتل منهم ثلة، و أبقى على من أقر بالعبودية.
ذكر لي أحد المعارف- والعهدة على القائل- أن أحد وزراء هذه الفترة، استُقدم من الخارج، ولَم يعرف بتكليفه إلا في السيارة التي نقلته، لأداء القسم الدستوري، وألبسوه البدلة الرسمية داخل السيارة! فهل هكذا يختار قادة الكتل ممثليهم في الحكومة؟!
أربعة عشر عام، أغلب قيادات الدولة، والمناصب العليا، لا تعرف تكليفها، ولا يهمها إلا خدمة مصالح الحزب، وجمع الأموال له؛ أما الدور الحقيقي لها فمغيب تماماً، ولا ينفذ منه شيء عدا أخذ بعض اللقطات، في بعض المواقف، التي يدعي بها المسؤول أنه يعمل.
مشاهد تمثيلية لأعمال تهدف لخدمة المواطن، دون أي نتيجة تذكر، الكل يعرف هذه الحقيقة، المسؤول يمثل، ويعرف أن الناس يعرفون أنه يمثل، والناس يَرَوْن تمثيله، ويعرفون أنه يمثل، و يعرفون أنه يعرف أنهم يعرفون أنه يمثل، لكن يمثلون أنهم لا يعرفون، والكل مستمع بالتمثيلية.. ويصفق!
ماذا نريد من هذه التمثيلية السمجة، أ نريد أن نبني بلداً، أم نبني ماكيت ( نموذج مجسم ) لدولة، يظهر فيها الكل منهمكون بالعمل، لكن لا شيء، لا مخرجات للعمل، لا نتائج ملموسة، تماماً كما يفعل المهندس، عندما يصنع ماكيت لمصنع، أو بناية ضخمة للإسكان، فلا المصنع سينتج، ولا البناية ستُسكن، دون تنفيذ هذه المجسمات على أرض الواقع.
متى يتحول بلدنا، من دولة ماكيتات، إلى دولة مؤسسات؟