23 ديسمبر، 2024 9:57 ص

دولة الوكالة.. متى ستنتهي ؟

دولة الوكالة.. متى ستنتهي ؟

ان تضطر الى اللجوء لاجراء طارئ لمعالجة موقف مستجد فهو مما يمكن تبريره, اما ان تصر على السير وفق هذا الامر الطارئ وتجعله اصلا فهو ما لايمكن استساغته او قبوله.

هذا هو حال الدولة العراقية اليوم التي تدار فيها العديد من المناصب بالوكالة منها مناصب مهمة وحساسة تحتاج الى اكفاء بصلاحيات قانونية كاملة لكي يسيروها بطريقة صحيحة.

بدعة الوكالة كانت من مخرجات حكومة المالكي الذي اخذته عزته بالاثم ورغبته بالاستفراد بالقرار السياسي الى ابقاء العديد من المناصب شاغرة يديرها هو او مقربوه الذين يملك كل واحد منهم اكثر من منصب مستغلا سيطرته على مجمل مفاصل الدولة.

ولنا ان تخيل ان حكومة تنهي عهدتها لاربع سنوات دون وجود وزيري الدفاع او الداخلية في بلد يشكل الامن هاجسه الاول. كما ان (3200) منصب بدرجة مدير عام ووكيل وزارة بالدولة العراقية كانوا يشغلون مناصبهم بالوكالة، بحسب ما اعلنته حينها مصادر لجنة النزاهة النيابية، حتى أضحى العراق بحسب التقارير الدولية المراقبة للشأن العراقي هو البلد الوحيد الذي تدار ثلث مؤسساته بالوكالة.

كما ان ثنائية وثلاثة المناصب صارت ظاهرة لازلنا نعيش بعضا من تبعاتها الى اليوم, دون ان ننسى  قيام المالكي نفسه بتعيين 200 شخص من اتباعه في مناصب مهمة بالوكالة، قبل تركه المنصب بايام بحسب ما اعلنه القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي وعضو كتلة المواطن فادي الشمري.

المشكلة هذه ان لم تعالج فان استفحالها امر مفروغ منه سيما وان الشخص المعين بالوكالة يكون وضعه قلقا ولا يمتلك الشجاعة الكافية لادارة مؤسسة او اكثر في ان واحد خاصة في الدرجات الخاصة التي تحتاج اكثر من غيرها الى استقلالية في القرار وحيادية في الموقف , ولاشك فان اساس القضية يكمن في مسالة المحاصصة وعدم اتفاق الكتل السياسية حول تسمية المناصب.

 

القضية بدأت تتفاعل هذه الايام, فالاوساط السياسية تتحدث عن اجراء تغييرات كبيرة في إدارة الهيئات المستقلة، كما ان رئيس الوزراء حيدر العبادي قام بتعيين وظيفتين او ثلاث وظائف بالاصالة وابقى الباقي على حاله بانتظار ماتقرر اللجنة المسؤولة عن ملف التوازن في التعيينات, لاسيما في الهيئات المستقلة التي تعد خير مثالا لسوء الادارة بسبب التلاعب الكبير الذي حصل فيها اثناء فترة  الولاية الثانية للمالكي .

 

ان دور مجلس النواب في حل هذه الاشكالية لا بد وان يكون سريعا وحاسما, فرئيس المجلس سليم الجبوري اكد على عزم السلطة التشريعية على انهاء شغل المناصب بالوكالة , فلا بد للمجلس من مطالبة الحكومة بارسال اسماء من تسند لهم ادارة هذه المناصب والمواقع لغرض المصادقة عليها .

 

إن الحرص على التوازن  في مؤسسات الدولة يجب ان لا يكون على حساب المهنية والنزاهة، وان الابقاء على الادارة الهشة والضعيفة لا يخدم البلد بحال, والحاجة الى بناء دولة المؤسسات، يتطلبان اسناد الوظيفة العامة على وفق معايير والكفاءة والامانة, من اجل ايقاف تراكم الاخطاء يقتضي والحد من الترهل الحاصل في مؤسسات الدولة.