قبل سقوط بلاد ذات حضارات , ظهرت مقالات ودراسات في الصحف اللعالمية تحذر من تحولها إلى ميدان تتحكم بمصيره المافيات والعصابات.
وتلك المقالات والدراسات كانت تستند على تجارب سابقة متكررة كما حصل في بنما بعد القضاء على حكم نوريكا في حينها.
وتواصلت التحذيرات والتوقعات لكن الهدف المطلوب واضح والغاية مدروسة ويراد لها أن تتحقق كما يجب , أي أن الهدف الخفي هو إسقاط الدولة ومحق قدرتها على التعافي والتحقق والإنبعاث.
ولم تكن الإجراءات التي أتخذت عبثية أو غير مدروسة , وإنما كانت جاهزة ومعد لها بعناية للوصول إلى الحالة التي عليها البلاد منذ ذلك الوقت.
والذين يتوهمون أن تلك البلاد ستكون فيها حكومة ودولة ذات مؤسسات كأي دولة مجاورة لها , فذلك نوع من التخريف , لأن الواقع الذي يراد له ان يتواصل ويتحقق خلاصته إنتفاء هيبة وقيمة وتأثير الدولة ومؤسساتها , وأن تكون القوة والهيمنة للفئات والمجاميع المسلحة المؤزرة من قبل القوى ذات المصالح المتنوعة في البلاد.
وسيستمر الحال لعقود وعقود , مما يعني أن الحديث عن الديمقراطية والحرية وقيمة الإنسان والمصلحة الوطنية , والرعاية الصحية وتوفير الخدمات نوع من الهراء , ذلك أن البشر عليه أن يكون أرقاما , ومستعبدا بالعمائم المؤدلجة والقوى الساعية لتأكيد مصالح أسيادها وأعوانها.
وبمعنى آخر , تم قراءة الفاتحة على تلك الدولة , وما عاد لها وجود وأثر , وما يتحقق في الواقع عبارة عن حالات لا تمت بصلة لبناء دولة ورعاية وطن ومواطنين , إنها لعبة تضليلية لتجفيف البلاد من كل ما فيها من الطاقات , وتحويلها إلى مكان يتعذر فيه الحياة ولا يجوز إلا لحقول النفط والسراق والنهابين التواجد فيه , وهذا يفسر قهر الناس وسحقهم وتخويفهم وترعيبهم وتهجيرهم والقضاء على أي تطلع ينبض في صدورهم.
إنها لعبة اللعبة لمصادرة وطن وإلغاء وجوده بالفتن!!