بدأت أزمة الخليج بين دولة قطر والشقيقات الثلاث الإمارات والسعودية والبحرين في رمضان المبارك من العام الماضي على خلفية بعض المشاكل السياسية مما تسبب بقطع العلاقات وإجراءات سياسية وإقتصادية إستهدفت الدوحة ، وكانت دولة الكويت وأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح دخلوا في قلب الازمة من خلال مواقف عربية أصيلة ومباديء إنسانية خلاقة تجلت في رحلات مكوكية بين عواصم الأزمة .
وكانت زيارات الأمير المفدى متعددة حيث زار الدوحة وإلتقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني وفي الرياض إستقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، وكانت الحوارات تصب في ضرورة تهدئة الوضع وعدم التصعيد وتخفيف حدة التوتر ، الأمر الذي أدى بالفعل الى تغيير حقيقي في تلك الأزمة وبرغم من عدم توفر ظروف الحل إلا إن التدخل الكويتي منعها من ان تصل الى حافة الهاوية وأن يزداد الأمر سوءا .
ويمكن القول عن الامور حاليا تجري بشكل طيب لجهة المزيد من التهدئة وعدم التسرع في إتخاذ القرارات والمواقف ، وكان التجاوب من قبل قيادات الدول الأربع تمثل نوع التقدير الذي يحمله اهل الخليج للأمير المفدى ولدوره وحضوره الإنساني فهو الراعي لكل مبادرات التهدئة والتسامح وإيجاد الحلول ، وكانت الإستجابات رائعة فلم نجد أحد يتمكن ولو لوهلة من رد طلب للكويت وأميرها لأن الجميع صار يعرف جيدا حجم ومكانة هذه الدولة الهانئة على سواحل الخليج المأزوم والذي تتربص به الحوادث والمخاطر .
لا يخفى على أحد الدور الذي لعبته دولة الكويت في الأزمة اليمنية التي كانت سببا في مشاكل عميقة في المنطقة ومتضاربة بين محاور إقليمية ودولية وكانت المعارك التي تشهدها اليمن تثير المخاوف من تمدد الصراع وعدم القدرة على تجنب الضحايا وتدمير البنى التحتية خاصة مع إستمرار الحرب لعدة سنوات ، فكانت الكويت سباقة لعقد منتدى حوار مستمر على مدى أسابيع طويلة بين الحوثيين وخصومهم وكان الجميع يشهد لدولة الكويت كيف أدرات الحوار وكيف عمقت نقاط التلاقي والتفاهم حيث وضعت أسس يمكن الإعتماد عليها في أي حوارات مقبلة ، حيث انتجت تلك اللقاءات مع أمير البلاد ومسؤولي الدولة ووزارة الخارجية نوعا من التواصل أفضى الى ثقة جمعت اطراف الأزمة المحليين والخارجيين على الدور الكويتي وأهميته وهو أمر غير مسبوق أن يتفق الجميع على أن دولة بعينها تكون مقبولة عند الجميع ولا يختلف عليها أحد ، وحتما أن السبب يعود للسياسة الحكيمة لأمير البلاد ولأجهزة الدولة ووجودها وتأثيرها .
في الأزمة السورية كانت الكويت الدولة الأكثر تحضرا في تعاطيها مع الأحداث المتصاعدة وحجم التوترات والآثار المترتبة على النزاع ، حيث كان الموقف السياسي يتلائم وإرادة المجتمع الدولي في تخفيف معاناة الشعب السوري وحماية اللاجئين والنازحين والتنسيق مع دول العالم لتخفيف حدة المشاكل التي تعترضهم ، وشكلت الدولة لجان وجمعيات وفرق إغاثة وأخرى تطوعية لجمع المساعدة ونقل الجرحى والأدوية الى مناطق النزاع والى أماكن اللجوء والمخيمات ، وقد شكر العالم تلك الجهود والرعاية وعدوها تعبيرا عن مصداقية دولة الكويت وحضورها العربي والإقليمي وإنسانية الأسرة التي حكمت البلاد برعاية أبوية إنعكست على علاقاتها ببقية الشعوب والعالم .