الدولة مؤسسة ذات مواصفات وحدود ودستور وقوانين , وموازنات ما بين الإرادات التشريعية والتنفيذية والقضائية , وبموجبها تبني الوطن وتتمكن من تلبية حاجات المواطنين.
ووفقا لمفهوم الدولة فأجهزتها إبتداءَ من الرئيس إلى آخر منصب أو مسؤولية , مكلفون بالتنفيذ وتأمين أمن وسلامة المواطنين , وسيادة الوطن وقدرته على التفاعل الآمن مع الدول والقوى الأخرى.
فالدولة تشكيلة تنظيمية لصناعة الحياة العزيزة لمجتمع ما , أو أمة ما.
ولا يجوز للدولة أن تكون ملكا لأحد , فهي صيغة لتنظيم العلاقات الإنسانية والحاجات , والنشاطات اليومية للناس الساعية في دروب الحياة ومفازاتها.
ولا توجد دولة ملك مشاع لفرد أو عائلة أو حزب أو فئة , فالدول تكون وفقا لمقتضيات قدراتها ومؤهلاتها الصيروراتية , وتفاعلات ما فيها من القوى والقدرات والطاقات المتنوعة بتنوع بشرها.
ومن أساسيات نواكب أمتنا دول الأشخاص أو العوائل , والعلاقة ما بينها عبارة عن علاقات أشخاص وحسب , فإذا ساءت العلاقة الشخصية تأثرت علاقاتها.
مما يتسبب بالإضطرابات , فالمشاكل العربية – العربية , وحتى الحروب التي حصلت وتحصل , من نتاج العلاقات الشخصية البحتة , لأن الشخص يحسب أن الدولة ملكه , وأي تدهور في العلاقة بينه وبين الشخص (الدولة) الآخر , يعني تدهور في علاقة الدولة بالدولة.
فالعرب لا يزلون في معضلة عدم القدرة على الفصل ما بين الدولة ككيان والفرد الحاكم أو المسؤول فيها , وتلك عاهة حضارية أدّت لصناعة الواقع القائم المتفاقم , فالدولة المُشخصنة الداء العُضال الذي يفتك بالوجود العربي.
وما تعلم العرب من غيرهم وتجاربهم , وأمعنوا بسلوك شخصنة الدولة , الظاهر في التفاعلات القائمة بين دولهم المنهوكة بالشخصانية , فلا تميز ما بين الدولة والشخص أو الحزب والفئة , وتمضي بسفك الدماء وتخريب العمران وتدمير الإنسان.
ولن يكونوا إلا بوعي مفهوم الدولة وعدم ربطها بالشخص , وتأكيد كيانها الواضح المنضبط بدستور , وقضاء عادل مخلص أمين , وغيور على الدولة والسيادة والعدل المستقيم.
فهل سنتعلم أن للدولة كيان , والمسؤول ضمن ذلك الكيان وحسب , كغيره من أبناء الشعب؟!!