دولة جنوب أفريقيا , أمضت معظم القرن العشرين , تحمل صفة دولة التمييز العنصري , إذ يتحكم البيض فيها بإستبداد شرس ضد السود.
وحصلت فيها سلوكيات مريرة وتفاعلات خطيرة , وفي ليلة وضحاها تبدلت أمورها , وما عادت تسمى كذلك , وإنطلقت في بناء دولتها المعاصرة , وكيانها الوطني القويم.
وكان العامل الأساسي في إخراجها من النفق المظلم , وإطلاقها في فضاءات الحياة الحرة الكريمة , هو القدوة الفاضلة المتمثلة بزعيمها – نلسن مانديلا – الذي قدم مثلا إنسانيا حضاريا لبناء الدولة والوطن , فترفع عن السلوك البشري الدوني الإنتقامي , وتسامى في تفاعلاته ونبل أخلاقه وقيمه الإنسانية الراقية.
ولا فرق بين التمييز العنصري والطائفي , فكلاهما بجوهر واحد , يتلخص بالإقصاء والإستحواذ , وبث روح الإنتقام والعدوان على الآخر , والسعي لإبادته وحذف وجوده.
وفي بعض دول الأمة , أنظمة حكم تتصف بالتمييز الطائفي , وهي ضد الوطن والمواطن , وتدين بالعدوانية الشرسة على الآخر , الذي تحسبه كما تشاء رؤاها ومعتقداتها الفاعلة فيها.
وما أوجدت قدوة وطنية تتمثل فيها القيم والأخلاق السامية والإيمان بالوطن والإنسان , بل أسست لكيانات غابية مسلحة تتمسك بالقوة وسفك الدماء , وترفع رايات دين تناهض أبسط معانيه بسلوكها السقيم.
وهذه الدول ستقضي على وجودها , وستصيب دينها بأضرار فادحة , وستعذب المواطنين في تنور قهرها وحرمانها لهم من أبسط الحاجات والحقوق المشروعة.
فهل من قدوة وطنية ذات معاني إنسانية؟!!