لعبة الديمقرطية الجارية في الواقع العربي منذ عقود هدفها إظهار الأحزاب المتاجرة بالدين لكي تحقق هدفها المبين , وتستهدف جوهر الدين.
هذه الأحزاب نشطت وتطورت لأنها لا وطنية ولا قومية وإنما ذات مناهج معروفة وتطلعات مكشوفة مؤطرة بالدين.
ذلك أن الأحزاب الوطنية والقومية وغيرها من الأحزاب في المجتمعات العربية قد فشلت فشلا ذريعا وناهضت ما أطلقته من مبادئ وشعارات وأهداف , فأنجزت ضد ما دعت إليه , ومعظمها إبتلعته آفات الإنشقاقات والتفاعلات الوحشية التي أكلت وجوده بالكامل , وسقطت جميعها في حضيض العدوان على الشعب والوطن وجوهر العروبة.
ووفقا لذلك فأن الأحزاب المؤدينة هي التي برزت بمذهبياتها وطائفياتها وتوجهاتها الدوغماتية الفائقة , فأنجزت خرابا عظيما وإرتكبت جرائم ضد الإنسانية لا يمكن تصورها , لكنها فعلتها وتفتخر بها وتمضي على سكتها.
وبإحياء هذه الأحزاب تحول الواقع العربي إلى كينونات متحاربة يكفّر بعضها بعضا , فهي تتصارع وتخرب البلاد وتقضي على العباد ولا تعرف الحلال من الحرام , وإنما شريعتها ونهجها هو الحلال وغيره حرام في حرام , ولهذا فهي تكفّر بعضها وتقضي على بعضها بإندفاعية مجنونة.
وقد أسهمت الديمقراطية بقوة بتنشيطها وتسويغ تصرفاتها وشرعنة وجودها , وإعطائها الحق والتفويض للتعبير عن منطلقاتها الضلالية والبهتانية , المؤزرة بقدرات دول وأموال عرب مسخرين لتحقيق إرادة الطامعين فيهم أجمعين.
ومن هنا فأنها تحقق أهدافا كبرى عجزت عن تحقيقها القوى الساعية نحو الهيمنة والإستكبار والإنتصار على أية قوة في الأرض , أي أنها ورقة رابحة وفعالة بأيدي الذين يريدون ثروات العرب ومصيرهم وتدميرهم بالتمام والكمال , لأنها قوى ذاتية تدميرية مطلقة الفتك والتخريب , إذ تؤدي مراسيم وطقوس دينية ذات عناوين متنوعة وهدف واحد.
وعليه فأن ديموتها ستتحقق , وأن القرن الحادي والعشرين سيتواصل بتغذيتها وتفعيلها لكي يجني المفترسون ما يريدون بأقل الخسائر وبدون جهد كبير.
وهكذا فأن ناعور التصارعات سيمضي بدورانه بقوة ذاتية كامنة فيه , فهو الذي يغرف ويلات ويسكب تداعيات والعرب يترنحون على شفى هاوية الغياب المرير.
فهل سيدرك العرب مواطن الأنين؟!!