ثورة الإمام الحسين غيرت مفهوم الأنتصارالعسكري, من أنتصار السيف على الدم, وقبض المغانم وتوزيعها, الى نظرية جديدة وهي أنتصار الدم على السيف, واسقاط عروش الطغاة وجعلهم يعيشون دوامة الأنهزام والأنكسار النفسي والمعنوي.
كانت نظرية الإمام في معركة كربلاء, ذات عمق وبعد فلسفي وأنساني, اخذت على عاتقها توظيف الطاقات والخبرات في تلك المعركة, فالمزج بين الخبرات والكفاءات والطاقات الشابة, وأبناء العشائر مفهوم جديد لنظرية الإمام الحسين في أدارة المعركة.
تالقت الكفاءات وأخذت على عاتقها, ادارة المعركة فقد ادت المهام المنوطة بها, وأكملت واجباتها على اتم وجه, فأدرت معركة بحجم معركة كربلاء, كان لابد من الأستعانة بالخبرات المتراكمة لدى تلك الثلة المؤمنة وتسخيرها من أجل وضع الخطط الملائمة, لمواجهة العدو, فوجود حبيب أبن مظاهر, وزهير أبن القين, وتكليفهم بمسك محور من محاور المعركة, ماهو الا دليل على نجاح نظرية الإمام في أدارة دفة المعركة, فأعتراف العدو وأعجابه من خلال قولهم” اتعرفون من تقاتلون أنهم فرسان مصر والهيجاء”, هذا الأعتراف يمثل دليلا على المستوى الرفيع من التنظيم الذي وصل اليه أصحاب الحسين عليه السلام.
تعمد الإمام أشراك الخبرات في تلك النهضة, فهو أراد أيصال رسالة أن الثورة ليست حكرا على أحد بل هي لكل فئات المجتمع, فبرغم وجود الشباب الا أن الإمام تعمد وجود الخبرات على رأس قادة حملته في تلك المعركة, فخبرات حبيب وزهير والحر الرياحي كان لها الأثر الواضح في نتائج المعركة فيما بعد.
مشاركة رجال القبائل ومايمتلكونه من خبرات في مجال أدارة المعارك وكذلك تجذر الولاء والحب الفطري لديهم والولاء المطلق كان جزء من تلك النظرية في تسخير الطاقات والكفاءات في أدارة المعركة, فمشاركة رجل القبيلة في دعم حركة الإمام الحسين عليه السلام كان يعبر عن المشاركة العقائدية والرأي الحر للمقاتل الذي لاشك أنه يتفق مع قائده في التفكير والتدبير والتحضير، وفي وضع خطط الحرب والقتال.
ومن أبرز القبائل التي شاركت في النهضة الحسينية,هم (( أرحبيون كعبد الرحمن ) )، و (( همدانيون كبرير ))، ولقد كانت مواقف كل من العدنانيين والقحطانيين يوم الطف شرفاً وعزاً لعشائر أهل اليمن من أولاً – (( المذحجيين ))، وثانياً – (( الخولانيين ))، وثالثاً – (( الحضرميين ))، ورابعاً – (( الشباميين ))، وخامساً – (( الجابريين )).كما كان فخراً وكرامة لعشائر أهل العراق من أولاً – (( التميميين ))، وثانياً – (( السعديين ))، وثالثاً – (( الشاكريين ))، ورابعاً – (( الأنصاريين ))، وخامساً – (( الخزاعيين ))، وسادساً – (( الشيبانيين ))، وسابعاً – (( الطائيين ))، وثامناً – (( الكنديين ))، وتاسعاً – (( الأسديين ))، وعاشراً – (( التغلبيين((.
النتيجة التي نريد أن تصل اليها, أن الإمام الحسين عليه السلام, كان بأستطاعة أدارة المعركة هو وأهل بيته, وكانت ستحقق نفس الأهداف المرسومة لها بل قد تكون أكثر من ذلك, الا أنه أراد من خلال رسالة بمشاركة جميع فئات المجتمع, المدنية ذات الخبرات العالية والقبلية ذات الولاء المطلق, أن الثورة هي لكل فئات المجتمع الشيخ والشاب الطفل والمرأة, الشابه والعجور, فستلهام العبر والدورس من تلك الثورة للجميع دون التحديد بفئة معينة.