منذ ان تاسس التيار الصدري بعد التغيير وهو يعاني كثيرا من العلاقة غير المستقرة بينه وبين الحكومات المختلفة والسبب ان التيار كانت له مواقف واضحة ومتشددة من الدخول الامريكي في العراق واعطى ضحايا في سبيل ذلك كما حصل في عام 2004 وما بعدها .
وبقيت العلاقة متوترة بينه وبين الحكومة حتى بعد انتخاب الحكومة عبر الانتخابات التي قاطعها التيار في اول الامر .
ولعل هناك مشكلة صاحبت التيار منذ ظهوره الاول على الساحة ورفعه لشعار رفض مقاومة الاحتلال وهو عدم وجود تنظيم اداري لاعضائه وقد ادى ذلك الى اندساس الكثير من ضعاف النفوس من اجل اهداف شخصية وعانى التيار من هؤلاء كثيرا طوال فترات سنوات مقاومته العسكرية واضطر التيار في فترات كثيرة الى محاسبة البعض وطرد البعض الاخر وهروب البعض الثالث ليؤسس كتلة او تجمعا خاصا به مستفيدا من الدعم اللامحدود من قبل بعض الجهات بحجة مقاومة الامريكان والاستكبار العالمي.
وكانت هناك شخصيات كبيرة تعلم ان التيار ليس له قوة موجهة وواضحة في غير القيادة لذلك كان يتحين الفرص للانقضاض عليه كلما وجد نفسه بحاجة الى استعمال اوراق ضغط هنا او هناك .
ولا شك ان التيار عمل في مقاومة المحتل لفترة غير قصيرة لكنه عانى من اكثر من جهة بسبب عدم الاتفاق على نفس الرؤية في الاستراتيجية المتبعة في المقاومة وكان اقرب جهة له هي التي كانت ترى ان المحتل يجب ان يخرج مجبرا لكن لا يرى ان المقاومة المسلحة هي الخيار الصحيح في هذه الفترة لاعتبارات بعضها عسكرية وبعضها شرعية …
ولعل البعض يعتقد ان التيار كان يقدم اشخاصا للتضحية من دون رؤية واضحة ولا تدريب جيد , وهذا كلام صحيح الى درجة كبيرة في السنوات الاولى الا ان الاسباب وراءه ليست جميعا ترجع الى قيادة التيار فان البعض منها كان بسبب الرؤية العقائدية التي انطلق منها بعض الشباب المتحمس للجهاد والقتال ضد المحتل من دون ان يرغب في ان يكون قد تدرب تدريبا جيدا ولكن بعد استقرار الاوضاع صار الامر مختلفا وظهرت قدرات غير موجودة في السنوات الاولى وكان ذلك واضحا في الاستعراض الذي اجراه التيار عندما كان يتهيأ للمشاركة في رد الارهاب عن مناطق العراق الغربية .
وعندما دخل التيار في معركة الكرامة ورد الارهاب اختلفت المسالة وصارت الكفة متكافئة عسكريا وتشجع الكثير من الفصائل ولو كانت الاوضاع السياسية جيدة بين اقطاب الشيعة لكان التيار الان يقود المعركة مع بقية الفصائل لكنه دخل المعركة وهو متهيب من ان يكون تدخله سببا في بقاء الحكومة السابقة من دون تغيير .
وفي كل معركة تحصل احيانا بعض الاخطاء غير الممنهجة وكان وراء هذه الامور في العادة اما اشخاص اندسوا في الحشد الشعبي من اجل اهداف شخصية واما ان يكون الحماس قد اخذ البعض فاوقع خسائر بشرية من دون دراية .
وظهر جليا كيف ان التدريب العسكري الدقيق مهم في مثل هذه المعارك وكانت الخسائر البشرية في المعركة تنذر بضرورة الاهتمام بهذا الجانب لان الكثير من الشهداء في هذه المعركة ذهبوا من دون استعداد كاف للمعركة .
ولما كان التيار هو الجهة الجهزة للاتهام في كل خطا يقع صارت القيادة بصدد حمايته من مثل هذه الاتهامات الجاهزة ولهذا فان السيد مقتدى الصدر كان مضطرا لحماية اصحابه من الاتهام بمثل هذه التهم فعمد الى تجميد تلك القوات خصوصا وان هناك اختلافا واضحا بين بعض الفصائل ومنها التيار مع الفصائل التي وضعت يدها مع الحكومة السابقة ضد التيار وبقية الفصائل السياسية .
ولما اصبح قرار القيادة الصدرية مستقلا منذ ان تم تجميد الامور الادارية والمالية صارت القيادة اكثر قربا من بقية الفصائل السياسية لان الرؤية اصبحت موحدة باتجاه رؤية موحدة ولهذا فان التيار سيشهد اقترابا كبيرا من بعض الفصائل بل لعل التحالف سيكون هو الطابع العام للتيار في السنوات القادمة .
واما التجميد فهو لن يستمر بل سيعود الوضع الى الوضع السابق بمجرد ان يزول شبح الاتهام ولعل جهات اخرى وراء مثل هذه الزوبعة من اجل الحد من تدخل التيار في المعركة بصورة اكبر لان هناك من يرغب ان يسجل النصر باسمه دون بقية الفصائل المجاهدة .