19 ديسمبر، 2024 4:33 م

دور البنية ما تحت الدولة في تشكيل الحكومات العراقية

دور البنية ما تحت الدولة في تشكيل الحكومات العراقية

هناك بنية رسمية وغير رسمية محلية وخارجية ما تحت الدولة ـــ ككيان مؤسساتي ودستوري ـــ، تلعب هذه البنية ادواراً كبيرةً وخطيرة بالوقت ذاته في تشكيل الحكومات العراقية، تسعى من خلال هذه الأدوار للحفاظ على مصالحها، وبالتالي دعم وتعزيز التعديلات المطلوبة فى السياسات العامة موضع اهتمام الجماعة، وإزالة ما يعترضها من عوائق، والاحتفاظ بالوضع الراهن حالة كونه مواتياً ومناسباً لمصالح هذه الجهة او تلك، مع ملاحظة ان هذه البنى قد تودي أدوار إيجابية في مجالات أخرى كالحالات الإنسانية والتطوعية.
ومن جملة هذه البنية ما تحت الدولة هي الأحزاب والكتل السياسية ليس بالمعنى السياسي والقانوني الذي قد تفرضه اللعبة السياسية الديمقراطية من حيث المنتصر والمهزوم في الانتخابات، وانما عبر ما يعرف بالمطابخ السياسية او الابتزاز والرشاوى لهذا الطرف او ذاك حزبيا كان او برلمانيا تحت عناوين اما تحالفية او تداخلات البيوتات السياسية والمكوناتية من خلال زعامات هذه البيوتات والكتل السياسية وشخوصها، فيما تشكل البنية الدينية النافذة عنصرا اخر ضاغطا في تشكيل الحكومات على الأقل في رفض هذه الشخصية او تلك.
في حين يلعب العنصر الخارجي دوراً محورياً في تشكيل الحكومات من خلال سعي الاطراف الإقليمية او الدولية الى ضمان مصالحها من خلال ترجيح ما تعده شخصيات سياسية او ثقافية لهذا الموقع السيادي او ذاك، حيث ان الصراع الإقليمي عادة ما يبرز من خلال الجانب السياسي في العراق لاسيما بعد ان حدث التغيير العنيف والصعود المفاجئ للمكونات سياسية دينية وقومية في العراق مفاجئ للمحيط العربي المجاور للعراق، شكل صدمة لهذه الدول فبعد ان جربت خيار التخريب على امل العودة الى ما قبل التغيير تسعى من خلال ادواتها السياسية ان تضمن مصالحها السياسية تحت عناوين سياسية دينية او قومية من خلال المطالبة بما يعرف بحقوق المكون (أ) او القومية (ب) او الأقلية (ج) وهكذا، اذ ان هذا الدول تنظر الى العملية السياسية في العراق على انها معادلة متكونة من اطراف متعددة ومن خلال هذه الطرف او ذلك تستطيع ان تضمن مصالحها في قبال ما تعده نفوذ خصومها الإقليميين.
وتشكل عناصر أخرى ادواراً اقل من دور الأحزاب والكتل السياسية والبنى الدينية والعنصر الخارجي، وتتمثل هذه العناصر بالقبيلة ومؤسسات المجتمع المدني، وقيادات الجيش، ولكنها تعلب أدوار ضاغطة في مجالات أخرى كالحصول على التعيينات او تنفيذ مصالحها التجارية والاقتصادية او الحصول على مواقع معينة في قبال دعم مسابق لهذه الشخصية السياسية او تلك.
ويرجع تقدم أدوار البنى ما تحت الدولة على مؤسسات الدولة وقوانينها ومن ضمنه الدستور النافذ الى الضعف في تطبيق القوانين وغياب الحكم الرشيد في تولي الوظائف العامة والخاصة، فكلما غابت قوانين الدولة كلما برزت الأعراف والمحددات الاجتماعية والسياسية، في حين تركيبة العملية السياسية التي تشكلت بعد العام2003انطلاقا من لغة المكونات المذهبية والسياسية شكلت سبباً اخر في تقدم البنية ما تحت الدولة على الدولة، وهو العنصر الذي خلق ذريعة في التدخل السياسي بعناوين أخرى. وللخروج من مازق البنى ما تحت الدولة لابد من الاتي:
دعم مؤسسات الدولة الرسمية وإصلاح بنيتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وهو مطلب وان لم يعد جديد لكنها يشكل منطلقا في تحجيم اغلب المشاكل التي عرفتها العملية السياسية في العراق.
إعادة النظر في فلسفة الدستور والنظام السياسي في العراق بعد عام 2003 بما يحقق تجربة سياسية قائمة على أساس الديمقراطية المواطناتية لا الديمقراطيات الهجينة واعراف تقاسم المواقع السيادية والادارية.
تعزيز ثقافة المواطنة وحقوق الانسان وان العقد الذي يجمع العراقيون الهوية العراقية وليس الهويات الأخرى الدينية والقومية والقبلية.
سيادة القرار الداخلي وللنظر للملفات الخارجية من استراتيجيات السياسة الداخلية للعراق.
تعديل وتطبيق قانون الأحزاب السياسية بما يحد ويحجم تدخلات البنى ما تحت الدولة ونفوذها في إدارة تشكيل الحكومات في العراق والمؤسسات الرسمية الأخرى والتدخل في ادارة المفاصل المحورية الأخرى.
تشجيع المراكز البحثية والخبراء في المساهمة تعزيز كيان الدولة وصيانة نظامها السياسي اذ ان المراكز البحثية تقوم روائها على أساس علمي وتقدم المصالح العامة على المصالح الشخصية وقد مناهض فاعل لقوى ما تحت الدولة في الروى والتوجه والعمل.\

أحدث المقالات

أحدث المقالات