عندما شاهدت رئيس الوزراء الجديد في تركيا أحمد داوود اوغلو وهو يستقبل الرهائن الأتراك الذين أطلقت داعش سراحهم من على شاشات التلفزة ، قفزت إلى ذهني تلك الصورة البائسة لأوغلو وهو يتجاوز الحدود العراقية مثل اللصوص والمهربين ليزور كركوك عندما كان وزيرا للخارجية دون علم السلطات العراقية . لصوصية داوود أوغلو الدبلوماسي الأول في الدولة التركية وراسم سياساتها الخارجية ، و”مراءاته، وهو يقبل الأسرى واحداً واحداً ، مستجديا رضاهم أمام كاميرات الفضائيات ، سجلت خصلتين من خصال هذا الرجل الذي أصبح المسؤول الأول في النظام التركي ، بعد منصب رئيس الجمهورية الذي تسلمه رجب طيب اردوغان ، متخلياً عن كرسي رئاسة الوزراء لسلفه وذراعه اليمنى في تمرير سياسته الخارجية العوجاء خاصة اتجاه العراق . الرجل الذي خضع الى تدريب مكثف من قبل خبراء العلاقات العامة ، وخاصة في لغة الجسد ، حاول خداع الرأي العام بأنه يتمتع بعلاقة حميمة مع ابناء شعبه .. ولابد لمن تابع تلك المشاهد لاحظ عن قرب ان اوغلو كان “يمثل” دور المسؤول القريب الى شعبه ، إلا انه فشل في ايصال تلك الرسالة لأن طريقة تمثيله متكلفة ولم تكن تلقائية . في ظل رئيس جديد ورئيس وزراء جديد لتركيا .. وفي ظل قرارات دولية واجماع على محاربة داعش سيبقى الموقف التركي متذبذباً . وقد شخصت الصحافة الدولية ذلك , حيث اعرب الكاتب دوجو ارجيل في مقال له نشره في صحيفة “تودي زمان” وترجمته لمى الشمري لصالح صحيفة الاتحاد العراقية ونشرته في عددها 3635 الصادر يوم 2392014 ان “الصحافة الدولية وخاصة الامريكية تتهم تركيا بمواصلة دعم الجهاديين الارهابيين في سوريا والعراق” , المسؤولون الاتراك لا يرفضون فقط هذا الاتهام , بل انهم يدينونه بشدة , احدى الجماعات اشتكت من تقاعس تركيا ضد الهجمات التي تشنها العناصر المتشددة على الكرد السوريين ’ فالرئيس اوردغان ما زال معارضاً للدعوات الرامية إلى شن حملة ضد جماعات داعش وحسب ما كتبه الصحفي سيلان يغنسو في صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية حيث يشير الكاتب الى انخراط المئات من المقاتلين الأجانب بمن فيهم من اوربا والولايات المتحدة في صفوف تنظيم داعش ودولة الخلافة التي اعلن عنها بعد ان احتلت مساحات واسعة من العراق وسورية لكن احد اهم مصادر التجنيد , والكلام ما زال للنيويورك تايمز , لهذا التنظيم يتمثل في تركيا المجاورة نفسها , هذا البلد العضو في حلف الناتو الذي يتميز بتيار اسلامي ساخط , وبذلك وحسب وسائل الاعلام والمصادر الحكومية التركية , فأن ما يزيد على (1000) من الاتراك انضموا الى تنظيم داعش , ويشير المتطوعون الى اعجاب الشبان الساخطين ، بالايديولوجية التي يتبناها تنظيم داعش , فضلاً عن الأموال التي يدفعها للمقاتلين من خزينته المليئة . قضية الرهائن الاتراك الذين وقعوا بأيدي التنظيم الارهابي بعد دخوله الموصل يوم 11 حزيران 2014 شكلت اساساً لتصرفات تركية تميزت بالغموض والغرابة . فقد قال القنصل التركي العام في الموصل (اوزتورك يلماز) الذي تم انقاذه مع (49) رهينة , بأن الرهائن تمكنوا من اخفاء هواتفهم الخلوية عن عناصر تنظيم الدولة في الموصل .. تصوروا , ان داعش اغفلت , ويبدو انها “اغفلت” فعلا حسب وصف القنصل العام جميع الاتصالات التي تمت بين القنصل ورجب طيب اردوغان واحمد داوود اوغلو , ووكيل وزارة الخارجية فريدون سبيزليوغلو من خلال ذلك الهاتف الخلوي المخفي .. ويبدو ايضا ان القنصل كان يقود مفاوضات بين اقطاب الحكومة التركية وعناصر التنظيم لدفع الفدية من اجل اطلاق سراح (49) تركياً احتجزتهم داعش واحتفظت بهم مدة ثلاثة اشهر .. بينما قامت بإعدام الآلاف من العراقيين من الشيعة والشبك والتركمان والأيزيديين والمسيحيين .. انها “صدفة” مثل تلك الصدفة التي استطاع بها الرهائن اخفاء (هاتف خلوي) ، المعلومات تشير الى انه تم نقل الرهائن ثماني مرات إلى اماكن مختلفة حتى لا تقوم السلطات التركية بإنقاذهم ، القنصل التركي العام يلماز قال ان داعش اجبرتهم على مشاهدة فيديو يتم فيه ذبح المواطنين الأمريكيين والبريطانيين . وعبثاً حاول اردوغان تضليل الرأي العام العالمي بأن تركيا لم تدفع فدية مقابل اطلاق سراح الرهائن يوم 2192014 لأنه اخفى الحقيقة وراء الاتفاقات المبرمة مع التنظيم الارهابي . مراقبون اشاروا إلى ان تركيا إحدى الدول الرئيسة التي كانت وراء ظهور المتشددين في سوريا , فقد فتحت الحدود للمقاتلين الاجانب الراغبين بالالتحاق بالمعارك , ولفت المراقبون الى ان الاتراك كانت لهم اتصالات مباشرة بمجموعات متشددة مشيرين الى ما تم كشفه منذ أشهر عن وجود كمية ضخمة من الاسلحة كانت في طريقها الى المجموعات المتشددة في سوريا , تحت غطاء مساعدات إنسانية .. فهل نحتاج الى عناء كبير لنعرف ان دواعش تركيا رسميون .