18 ديسمبر، 2024 1:17 م

دوائر الدولة تتحول جبهات لمعارك “البوبجي”

دوائر الدولة تتحول جبهات لمعارك “البوبجي”

صرخ “محمد” على زميله “عبد الله” مطالبا اياه بالتوجه الى الباب لضرب العدو، فيما لبى الأخير نداءه بصوت أعلى قائلا “سأقضي عليه بصلية واحدة”، كل ذلك جرى وعيونهم مثبته بشاشة “الموبايل” عندما كانوا في سكواد واحد (مجموعة) لخوض معركة محتدمة بإحدى المؤسسات الحكومية.
بهذه الصورة تحولت دوائر الدولة الى ساحات للمواجهة في معارك لعبة “البوبجي”، التي تجري فيها صراعات محتدمة في جبهة “البوشنكي”، تستمر لساعات طويلة من قبل موظفي الدولة تاركين الواجبات الموكلة إليهم طيلة ساعات الدوام الرسمي التي أخذت تهدر يوميا على ” الألعاب الالكترونية” التي سرقت لب ملايين المتلقين وجعلتهم يدمنون عليها، ووصل عدد مستخدميها الى عشرات الملايين.
ولم تكن لعبة “البوبجي” هي الاولى من نوعها التي حظيت باهتمام المستخدمين، وانما سبقها في ذلك “المزرعة السعيدة”، اذ استمر البعض في زراعة ارضه الافتراضية لمدة وصلت الى ثلاث سنوات واكثر، وأصبحت مزرعته مكانا لتسويق الحليب والخضار والخشب والفواكه!!.
وجاء بعد المزرعة لعبة “كلاش اوف كلان”، حيث استهوت اهتمام الملايين ايضا، ما جعل البعض المتاجرة بها عبر عرض “كلانه” على السوق المفتوحة ومواقع التواصل الاجتماعي ووصلت اسعارها الى اكثر من 500 دولار امريكي.
ويأتي الإقبال الواسع على اللعب الالكترونية نتيجة الفراغ الذي يعيشه الغالبية العظمى من المتلقين، اذ ان البطالة هيمنت بشكل كبير على المجتمع العراق وارتفعت مناسيبها حتى وصلت الى ارقام مخيفة، نتيجة قلة فرص العمل بسبب الدمار الذي حل بالقطاع الخاص والارتفاع الحاصل بعدد الموظفين الذين تصل اعدادهم لأكثر من أربعة ملايين موظف، فضلا عن المحسوبية والمنسوبية المهيمنة على جميع التعاملات، والي رفعت معدلات الرشوة والفساد ما جعل جيوش الخريجيين يواجهون مصيرهم بمفردهم.
وامتدت اذرع إخطبوط البطالة “المقنعة” الى المؤسسات الحكومية والدوائر غير المنتجة، التي اعتمدت على حبس الموظف لأكثر من ستة ساعات دون اي نتاج يذكر ما اجبر غالبيتهم الى قتل وقته باللعب ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعود تلك المشاكل الى قلة التخطيط وسوء الادارة التي رافقت الحكومة المتعاقبة منذ التغيير الى اليوم ، اذ تراكمت تلك المشاكل بالشكل الذي يجعلها تتخذ طريقا مجهولا يزداد سوداوية عاما بعد اخر ويصعب التكهن بما سيؤول له في السنوات المقبلة.