18 ديسمبر، 2024 11:04 م

دوائر الإمتيازات … ديوان الرقابة المالية الإتحادي ؟!

دوائر الإمتيازات … ديوان الرقابة المالية الإتحادي ؟!

القسم الرابع
إن المتتبع لتشريعات الرقابة المالية ، لا يجد السير في طريق موجبات تنظيم الإجراءات المهنية المرافقة والمواكبة لحركة التطور في الرقابة والتدقيق المالي والإداري مجتمعين ، بدءا من قانون دائرة تدقيق الحسابات العامة رقم (17) لسنة 1927 ، الذي نصت المادة (2) منه ، على أن ( تؤسس دائرة لتدقق سنويا المصروفات التي تجرى من الإعتمادات الموضوعة في الفصول التي أقرها مجلس الأمة في قانون أو قوانين الميزانية السنوية ، أو في أي قانون آخر أقره مجلس الأمة مخولا به أي وزير إنفاق أموال الدولة ، سواء كانت تلك الأموال من الضرائب المفروضة بقانون أو من رسوم ومدخولات تتسلمها دوائر الحكومة ، لقاء خدمات عامة أو لقاء إستعمال الأملاك الأميرية أو من قروض تعقدها الدولة أو سلفات تتسلمها أو من أي منبع اخر . وتدقق أيضا سنويا حسابات مدخولات دوائر الحكومة وحسابات الهيئات واللوازم وحسابات المؤسسات الصناعية والتجارية التي تدير شؤونها دوائر حكومية ) . الذي ألغي بموجب قانون ديوان الرقابة المالية رقم (42) لسنة 1968 ، حيث (( بدأت الرقابة المالية في العراق بتشريع ( قانون دائرة تدقيق الحسابات العامة رقم 17 لسنة 1927 ) ، ومضت وفق أحكام ذلك القانون وتعديلاته والتعليمات المتفرعة عنه ، غير إن تلكم الأحكام لم تكن مبنية على أصول علمية ومنهاج منسق للتطبيق ، فكان أن بدأت الرقابة ثم مضت طوال السنوات الغابرة متلكئة عاجزة عن بلوغ المقاصد المتوخاة منها ، ولم يكن مرد هذا الإخفاق إلى ما حصل تباعا من توسع شامل في مجالي الجباية والإنفاق ، بل قد ظهر الإخفاق يوم إذ كانت الموازنة العامة للدولة لا تتجاوز خمسة ملايين من الدنانير للمصروقات ومثلها للمدخولات ، وما تم من توجيه السياسة المالية وجهة التوسعة في مجال الجباية والإنفاق ، ومجال التنمية المادية والتنمية البشرية ، ثم النهج الذي تتوخاه بلادنا في بناء مجتمع الكفاية والعدل على صرح تراثها التليد المتقوم بمبادئ العدل والمساواة – ذلك كله إقتضى نشدان نمط جديد من الرقابة المالية العامة يساوق ما كان وما سيكون من تطور في تلكم المجالات ، لتنظيم مهام سلطة الرقابة المالية المناطة به وفق أحكام الدستور ، وقد رؤي أن يكون النمط الجديد الذي تبنى عليه الرقابة المالية علميا في جانبيه النظري والتطبيقي ، أولهما تنسيق الإختصاص وضم أنواعه ، وثانيهما الجمع بين أسلوبي الرقابة الخاصة والرقابة العامة ، وثالثهما رقابة الكفاءة . لكن للإختصاص القضائي النظر في الجرائم المالية قد وجد إستبقاؤه للسلطة القضائية أوفق في هذه المرحلة من مراحل تطوير الرقابة المالية العامة . فشرع هذا القانون )) . الذي ألغي بتشريع القانون رقم (194) لسنة 1980 بسبب (( تأخر صدور ( القانون رقم (42) لسنة 1968) ، إلى ما بعد ( أربعين عاما ) على تأريخ صدور القانون رقم (17) لسنة 1927 ، حيث يعتبر تخلفا كبيرا في ميدان الرقابة العامة للدولة ، حتى باتت الحاجة أكثر إلحاحا بسبب التنمية الإقتصادية والإجتماعية الشاملة التي شهدها القطر إثر التحولات الإشتراكية ، وبرزت الحاجة إلى وجود رقابة أكثر حزما وتطورا وأكثر وضوحا في الهدف والأسلوب ، مما إقتضى إعادة النظر بوضع الرقابة المالية ، من حيث أهدافها ونطاق عملها وإختصاصاتها وصلاحياتها ، وكذلك تشكيلاتها الإدارية ، على النحو الوارد في هذا القانون ، والتي روعي بشأنها ما يلي :-

1– ضرورة إخضاع كافة منشآت القطاع الإشتراكي والمختلط ، وكذلك النقابات والمنظمات الشعبية ، لرقابة الديوان ومشورته وبدون أجر ، كما يتضح ذلك من قرارات مجلس قيادة الثورة المرقمة (1250،251،1630) والمؤرخة في14/11/1977 ، 26/2/1979 ، 26/11/1979 على التوالي .

2– عدم تفرغ أعضاء المجالس ، وعدم تحديد شروط إنتقائهم .

3– تنظيم التشكيلات الإدارية للديوان ، على نحو يتماشى والهيكل الإداري للدولة .

4– إعطاء مرونة أكثر للديوان للتحرك في مجال إختصاصاته ، بما لا يتداخل أو يتعارض مع إختصاصات ، كل من الجهات القضائية والجهات التنفيذية .

5– الأخذ بالإتجاهات الحديثة لأساليب الرقابة ، وكذلك الأخذ بتوصيات المنظمات الدولية والعربية بشأن أجهزة الرقابة العليا للدولة ، والتي تؤكد على ضرورة توسيع إختصاصاتها ، بحيث تشمل تقييم الأهداف والخطط إلى جانب تقييم الأداء ، وكذلك توفير جميع المقومات اللازمة لها ، بما يكفل حيادها وفاعليتها ، وبالتالي مساهمتها في دفع عملية التقدم في مختلف مجالات الحياة للشعب والأمة .

6– الدعم الذي لقيه ديوان الرقابة المالية في السنوات العشر الأخيرة ، وخاصة في مجال توفير الكوادر المتخصصة ، والذي حقق للديوان تراكما في الخبرات في مجال الإدارة والتنظيم وتصميم النظم العامة للمعلومات ، بحيث أصبح قادرا على تقديم المشورة الفنية لأجهزة الدولة المختلفة في تلك المجالات .

7– إستبعاد النصوص الواردة في القانون رقم (42) لسنة 1968 ، التي لم يجر تطبيقها ، بسبب عدم مواكبتها للواقع . لذلك شرع هذا القانون )) . الذي ألغي بتشريع القانون رقم (6) لسنة 1990 في ظل الأسباب الموجبة لتشريعه (( لغرض تحديد وتوضيح مهام وإختصاصات ديوان الرقابة المالية وزيادة فاعليته في المساهمة برفع مستوى أداء أجهزة الدولة ، وإستجابة لمتطلبات الثورة الإدارية والإقتصادية وتوضيح دور الديوان بوصفه إحدى الأدوات الرئيسة ، التي تستطيع الدولة من خلالها الإطمئنان إلى تنفيذ قراراتها والتمسك بالسياسات والخطط المرسومة من قبلها ، ولتمكين الديوان من توفير متطلبات العمل الرقابي وما يحتاجه من موارد ومستلزمات خدمية ومعلومات ، سواء أكان لغرض إبداء الرأي بحقيقة الأوضاع المالية ونتائج النشاط أم لتقويم مستوى أداء الأجهزة التنفيذية المشمولة برقابته ، وعلاقة ذلك بالأهداف والغايات التي خصصت الموارد الإقتصادية من أجلها ، ولغرض إيجاد هياكل تنظيمية وإدارية تناسب مراحل تطور الإقتصاد الوطني ، وتعطي الديوان المرونة الكافية في تخطيط وتوزيع مهامه وإختصاصاتها عليها ، وتوفير الإشراف المركزي اللازم لتوجيه العمل الرقابي وتطوير قواعد وأصول وطرق ووسائل تنفيذه وتقويم نتائجها ، إضافة إلى تمكين الديوان من تغطية جميع دوائر ومنشآت الدولة في محافظات القطر بأعمال الرقابة والتدقيق بأعلى مستوى من الكفاءة والفاعلية . فقد شرع هذا القانون )) . الذي عدلت وعلقت بعض مواده بموجب أمر سلطة الإحتلال المؤقتة لإحتلال العراق المرقم (77) لسنة 2004 ، وفقا لصلاحيات المدير الإداري لسلطة الإئتلاف المؤقتة , وإنسجاما مع قرارات مجلس الأمن الدولي بما فيها القرارات 1483 و1511 / 2003 , وبناءا على قوانين واعراف الحرب , التي أشاعت كل ظواهر الفشل والفساد الذي نحصد نتائجها السيئة في كل المجالات ، ومنها إجراءات الرقابة والتدقيق التي يؤديها ديوان الرقابة المالية في ظل قوات الإحتلال ، ومن ثم بموجب أحكام القانون النافذ المرقم (31) لسنة 2011 ( لتنظيم عمل ديوان الرقابة المالية وبيان مهامه وإختصاصاته وفي سبيل رفع مستوى الرقابة على المال العام وتنظيم العلاقة مع الأجهزة الرقابية الأخرى ، وإستنادا إلى أحكام البند أولا من المادة (103) من الدستور . شـــرع هـــذا القانـــون ) .