18 ديسمبر، 2024 6:30 م

دهاليز الظلام ، كلام فى الارهاب

دهاليز الظلام ، كلام فى الارهاب

منذ فترة قصيرة بثت قناة ” أبو ظبى ” الاماراتية فيلما وثائقيا بعنوان ” دهاليز الظلام ” تعرضت فيه الى التاريخ الاسود لجماعة الاخوان المسلمين فى دولة الامارات و فى جمهورية مصر العربية على وجه التحديد ، ربما لم يشاهد البعض هذا الفيلم الوثائقى المهم و نحن نؤكد اليوم أن هذا العمل يعتبر من أهم الاعمال الاعلامية و أكثرها جرأة التى تناولت نشأة الاخوان المسلمين و فكرهم و تخريبهم للبلدان العربية و بالطبع علاقاتهم مع الكيان الصهيونى و مع كثير من المخابرات العالمية و من بينها طبعا المخابرات البريطانية ، لعل الكثيرين لا يعلمون أن حركة الاخوان قد تمكنت من أجهزة الدولة فى الامارات فى نطاق ما يعرف بسياسة التمكين التى تعد من اهم ادبيات هذه الحركة المشبوهة و التى كانت عماد فكر و سياسة مرشد الاخوان حسن البنا ، نحن اذن أمام فكر طابور خامس و فكر حركة تؤمن بالتمدد أفقيا و عموديا فى مفاصل الدولة المهمة للقضاء عليها شيئا فشيئا و نخرها كالسوس من الداخل حتى يتم انهاكها و يسهل ضربها فى الوقت المناسب ، هذا الفكر الجهنمى لا يمكن أن يصدر عن عقل عادى أو عقل رصين بل هو نتاج لمخطط قذر و مسبق يراد منه خدمة أغراض لا علاقة لها اطلاقا بمصالح الامة العربية بل هى خدمات مجانية تقدم للصهيونية العالمية من باب تشابك المصالح و الرغبة فى القضاء نهائيا على الانظمة و تفتيت الدول العربية .

فى العادة ينشأ التفكير التكفيرى المتطرف فى بيئة تعيش على وقع الفقر و الحاجة و قلة ذات اليد و البطالة و هذه البيئة متوفرة للأسف فى كامل الوطن العربى لكن المؤسف أن تنمو هذه الافكار فى مجتمعات خليجية تعيش طفرة مادية نفطية و من الجدير بالانتباه أن يتم ارسال هؤلاء المتطرفين الفكريين الى عدة بقاع فى العالم لضرب و تشويه الاسلام فى تسامحه و فى رحابة صدره و هنا يجب التوقف عند القرار الامريكى الذى اتخذه الكونغرس بتوصيف السعودية كدولة تمارس ارهاب الدولة فى علاقة بمسؤوليتها فى تفجيرات 11 سبتمبر 2011 ، العجب أن السعودية المتهمة بممارسة ارهاب الدولة هى من تسعى لتوصيف حزب الله بالإرهاب و بوصفه منظمة ارهابية و هى من تسعى للتملص من ارهاب الدولة الذى مارسته فى سوريا و اليمن بوضع هذه الممارسات فى سوريا على كاهل و مسؤولية النظام القطرى الذى كان مجرد شريك فى تلك المؤامرة و ليس فاعلا مستقلا ، ان عقل الاخوان التكفيرى الارهابى لا يختلف كثيرا عن عقل المؤسسة الدينية السعودية المتهمة بتفريخ الارهاب فى عقول الشعوب و لا عن الارادة السياسية السعودية فى استعمال الارهاب كأداة لضرب الاستقرار فى المنطقة و خدمة المشروع الصهيونى بصفة غير مباشرة ، نحن اذن أمام فكر ارهابى تكفيرى غايته التدمير و أدواته عقول مدفوعة الاجر و تخطط اليه عدة مخابرات عربية و اجنبية لينفذ مؤامرة خبيثة فى الجسم العربى المنهوك .

ربما هناك سؤال يطرق اذهان الكثيرين و هو اين دور المؤسسات الدينية العربية و أين دور العمائم البيضاء الرصينة و ماذا فعلت الدول العربية لمواجهة هذا الفكر المتطرف و اين دور المثقفين العرب و ماذا فعلت السينما العربية و هل أن ما نشاهده من افلام هابطة و اغانى اكثر هبوطا لا يعطى هذا الفكر اسبابا موضوعية و منطقية للهجوم عليها بوصفها المتسببة فى انهيار السلوك و تدنى الاخلاق و هل أنه علينا اما القبول بالرقابة على المصنفات الابداعية او رقابة ” لجان التفتيش ” الدينية او المستترة بالدين ؟ … ان مواجهة الارهاب تتطلب امكانيات مادية ضخمة كان على الدول العربية صرفها و انفاقها فى انشاء البنية التحتية العلمية لمواجهة الفكر الظلامى و لكن يظهر أن الحكام العرب فاشلون فى كل شيء كما ان الامر لم يعد يتعلق بإلقاء الخطب او تحرير الدراسات او القاء بيانات الاستنكار عند كل حادث ارهابى لان المخابرات الاجنبية هى من سحبت بساط الارهابيين لتجعل منهم ادوات تدمير للمنطقة و بات على الجميع انتظار الاسوأ من باب بضاعتكم ردت اليكم و هو ما حدث فى عدة دول مثل السعودية و البحرين و تركيا و تونس ، ربما لم يتعرض الوثائقى الاماراتى الى دور المخابرات الاجنبية عمدا أو سهوا لكن دخول هذا المعطى المهم و الخطير على خط سير الارهاب التكفيرى يؤكد مرة أخرى أن ما يخطط للمنطقة مرعب و يستدعى كثيرا من عوامل الانتباه و اليقظة على كل المستويات .

ان فكر الاخوان المتطرف يستعمل كل مستلزمات الصورة المعبرة و التقارير الاعلامية الموجهة كما يستعمل احدث تقنيات الاعلام الفضائى مما يؤكد وجود تمويل خيالى لم تنفع معه كل حملات تجفيف المنابع المالية لمثل هذه الحركات الارهابية و عندما يتحدث تقرير التحقيق فى احداث 11 سبتمبر 2011 و على مدى 28 صفحة كاملة على تمويل للإرهاب من هرم السلطة السعودية و هى حقائق مرعبة تعمدت الادارة الامريكية فى عهد جورج بوش الابن اخفائها عمدا حفاظا على ما سمته بالأمن القومى فى اشارة الى مصالحها مع المملكة السعودية و ما تعرضت اليه من ضغوط حتى لا يكشف محتوى تلك الصفحات فالثابت أن الحديث على القضاء على الارهاب فعلا و قولا هو من سابع المستحيلات لان هذا الفعل المنكر قد اصبح وسيلة ” عسكرية ” للقضاء على الدول العربية و اسقاط الانظمة فيها مثلما حدث فى سوريا و مصر و تونس و هذه مؤشرات و معطيات خطيرة تدفع الى الاعتقاد بأن أمريكــا و بعض الدول الاخرى لم تعد تهتم بما يسمى بسيادة الدول و أن الرغبة الجامحة فى الحفاظ على مصالحها تدفعها لاستعمال كل الاساليب القذرة لفرض هيمنتها و تعزيز نفوذها و بالذات النفوذ الصهيونى فى العالم و فى المنطقة العربية خصوصا ، نحن اذن امام لعبة أمم تستعمل الارهاب وسيلة لرهن ارادة الشعوب و تغيير مسار نمطها المجتمعى و فرض الفكر الامريكى المتغطرس بقوة الاعلام و الارهاب و السلاح .