أنظر مكتبتي وأتذكر دموع زميلي وهو يشيّع مكتبته , ويخشى أن أأخذ كتابا منها , لكنها متأهبة للذهاب مع الريح!!
أنجاله سيتخلصون منها , فهي تشغل مكانا واسعا , ولكثرتها ربما يجب رميها في سوح النفايات , التي يعتاش عليها أناس يتحينون الفرص للذين لا يعرفون قيمة ما يلقونه فيها , فيجمعونه ويتاجرون به.
زميلي يبكي على مكتبته , فلكل كتاب فيها لديه ذكريات معه , وأوقات لذيذة , وبعد أن دارت السنون , صار الكتاب مصدرا لذكريات أليمة , لا يستطيع أن يستعيدها بتفاعل حميم معه.
يداه لا تعينانه , وعيونه تخونانه , ولا يملك غير الحسرات والدموع.
أكثرنا ربما سيصل إلى ما وصل إليه زميلي , من العذاب النفسي , للإحالة بينه وبين كتبه التي جمعها طوال عمره !!
ما هو مصير مكتباتنا؟
وهل ستجد كتبنا مكانا يرعاها , وعيونا تتصفحها؟
أسئلة يصعب إستحضار أجوبتها!!
زميل آخر , قال لي: بدأت التخلص من كل ما عندي لأن أبنائي لا يعرفونها , وعليّ أن أقرر مصيرها بدلا عنهم , تقديرا لقيمتها الثقافية والروحية.
فهل علينا التخلص من كتبنا قبل فوات الأوان , ووقوعها في أيادي الذين لا يقدرون قيمتها وأهميتها في صناعة العقول؟!!
عاشت المكتبات ذخائر فكرية ومعرفية , ومصادر معلوماتية , واليوم تجدنا نحمل مئات الآلاف من الكتب في هاتف نقال صغير , مواقعه تأتيك بالمعلومات فورا حتى صارت المسافة بينك والكتاب تتسع , والرغبة في التصفح تضمحل , فالنظر إلى الشاشة أكثر إغراءً من الورق!!
أجيالنا بائدة , وأجيال القرن الحادي والعشرين , في فضاءات إليكترونية يتفاعلون!!
فلا تبكوا على مكتباتكم , وقرروا مصيرها ما دمتم قادرين!!
د-صادق السامرائي