18 ديسمبر، 2024 6:49 م

دموع صادقة

دموع صادقة

خلال احتفالية اقيمت في دار ثقافة الاطفال للاحتفاء بالاطفال المتخرجين من الدورات الصيفية ، قدمت المخرجة العاشقة لمسرح الطفل الدكتورة فاتن الجراح مسرحية للاطفال بعنوان (وطن آمن ) كانت قد قدمتها قبل سنوات خلال فترة العنف الطائفي واعادت تقديمها الآن لأن الوطن مازال بحاجة الى ان يصبح آمنا ليعيش فيه الاطفال حياتهم بشكل حقيقي ..بعد ان انتهت المسرحية اعتلت المخرجة خشبة المسرح لتحيي ابطال مسرحيتها الاطفال وانهمرت دموعها الصادقة وهي تستذكرعددا من الابطال السابقين الذين قدموها قبل سنوات ..كانوا خمسة اطفال مسيحيين ابعدتهم ظروف العنف عن وطنهم وماعادوا بيننا …كان ذنبهم انهم مسيحيين وكان مصيرهم الغربة التي تبكينا في كل مرة وهي التي اعادت المخرجة ذاتها الى وطنها بعد سنوات طويلة حققت فيها الكثير في الخارج لكنها عادت لتقدم شيئا للطفل العراقي ومازالت تقف اسبوعيا في ساحات التظاهرات لتصنع عالما اجمل له ..

في أماكن اخرى، ورغم وصول جثتي الطفلين العراقيين الغارقين في البحر حيدر وزينب الى العراق وماتسبب به ذلك من ألم لكل العراقيين ، مازالت مكاتب اصدار وتجديد الجوازات تغص بالمراجعين وعمل متعهدي السفر والهجرة يزداد ازدهارا فقد استشرت الرغبة في مغادرة البلاد كالوباء في اجساد العراقيين وماعادت ارض الوطن تمدهم بالحنان والامان ..يذكرني هذا التناقض باغنية كان ينشدها الجنود السوفيت في الحرب العالمية الثانية ..تقول الاغنية ..

اذا فقد الجندي ساقيه في الحرب ..يستطيع معانقة الاصدقاء ..

اذا فقد يديه ..يستطيع الرقص في الافراح ..

واذا فقد عينيه ..يستطيع سماع موسيقى الوطن ..

واذا فقد سمعه ..يستطيع التمتع برؤية الأحبة

واذا فقد الانسان كل شيء ..يستطيع الاستلقاء على ارض وطنه ..

اما اذا فقد ارض وطنه ..فماذا بمقدوره ان يفعل ؟

بعد ان تدفق المهاجرون العرب على بلاد الغرب … حاول العالم الغربي ايصال رسالتين للعالم العربي ..احداهما تقول بأن الغرب هو مصدر الانسانية والداعي لها بصدق والدليل على ذلك دموع ميركل ومبادرة رئيس وزراء فنلندا بمنح منزله الريفي للاجئين السوريين ووعود رئيس وزراء السويد لطفلة تود مساعدة اللاجئين بأن يعمل على مساعدتهم ومطالبتها بأن تستقبلهم بحب …أما الرسالة الثانية فقد عبرت عنها صحفية مجرية نقلت مواقع التواصل الاجتماعي طريقة تعاملها مع اللاجئين اذ كانت تعرقل مرورهم بقدمها وهم يركضون ليسقطوا على الارض وكانت الصورة الأبرز اسقاطها رجلا يحمل طفلا يقال انها فقدت وظيفتها بسببها ..لكن هناك صحفية مجرية اخرى كانت تضرب اللاجئين وهم يحاولون الوصول الى منطقة جنوب المجر وكذا فعلت الشرطة في مقدونيا فالرسالة وصلت مهما كانت نتائجها وهي ان بعض الغربيين لايريدون للعرب ان يدخلوا اراضيهم ولاعجب ان يفكروا هكذا فوسائل الاعلام الغربية تصور لهم العربي والمسلم خصوصا ارهابيا ..

مهاجرونا العراقيون يوجهون بدورهم رسالة لكل سياسي ساهم في ابعادهم عن وطنهم فهجرتهم وسط البحر والموت ومخاطرتهم بحياتهم وحياة ابنائهم تقول لكل سياسي لايعرف قيمة الوطن انهم لم يجدوا فيه الامان ولاالحنان وقد لايجدوا فيه ارضا يستلقون عليها حين يفقدوا كل شيء فمن يدري ؟…ربما تم بيع ارض الوطن ايضا ضمن صفقة فاسدة من صفقاتهم السياسية …!