18 ديسمبر، 2024 10:10 ص

دموع الكبار كاذبة

دموع الكبار كاذبة

البكاء هو نوع من الاستجابة العاطفية لشعور معين، وعادة ما يكون حزنا أو ألما.. وهو استجابة لظروف وأحداث معينة لكنه قد يكون أيضا نتيجة لشعور جميل أو حدث مفرح.
يعتقد كثير من العلماء أن البكاء مفيد للصحة، فهو يساعد على التخلص من سموم الجسد الناتجة عن التوتر، ويعتقد علماء النفس أن عدم التنفيس عن المشاعر لفترة طويلة قد يكون خطرا على صحة المرء، فقد أشارت بضعة أبحاث إلى أن منع الدموع العاطفية من الإنهمار قد يسبب ارتفاعا في نسبة خطورة الإصابة بأمراض القلب والضغط، كما أن دراسات أخرى أشارت إلى أن من يعانون من أمراض مثل التقرحات والتهابات القولون هم أقل تعبيرا لمشاعرهم مقارنة بالناس العاديين، وينصح علماء النفس الناس الذين يعانون من الحزن بالحديث والبكاء عوضا عن محاولات التحكم في مشاعرهم.
نوعية الدموع التي تذرف نتيجة لموقف عاطفي انفعالي تكون مختلفة من حيث التركيبة والوظيفة.. فالدموع عبارة عن تفاعلات كيميائية تأتي استجابة لدواع وحالات انفعالية مشبوبة بالعاطفة، وبالتالي فهي أغنى بالبروتينات..ويرى العلماء أن الدموع الأصلية، سواء أكانت دموع فرح أم حزن، تساعد على إعادة التوازن الكيميائي للجسم، كما أنها تساعد على العلاج النفسي.
تشير إحدى الدراسات إلى أن النساء يجهشن بالبكاء بصوت مسموع نحو 64 مرة في السنة، بينما يبكي الرجال حوالي 17 مرة فقط.. ويعتقد الدكتور بيل فري من مركز أبحاث الدمع وجفاف العين في ولاية مينيسوتا الأمريكية، أن البكاء مفيد؛ فقد تبيّن أن 85٪ من النساء و73٪ من الرجال الذين شملتهم الدراسة شعروا بالارتياح بعد البكاء. ويرى فري أن الدموع تخلص الجسم من المواد الكيماوية المتعلقةبالضغط النفسي، مشيرا إلى التركيبين الكيميائي والعاطفي، والدمع التحسسي الذي يثيره الغبار مثلًا.
يعد البكاء استجابة طبيعية لمشاعر معينة مثل الحزن أو السعادة، وعلى الرغم من أن البشر كلهم دون استثناء يبكون، إلا أن واحد من كل خمسة أشخاص يبكي أسرع من الآخرين، لأنه يولد ولديه سمات معينة تجعله يشعر بالعواطف بقوة أكبر من الآخرين، وهذا ينطبق على الرجال والنساء، حيث أن سرعة البكاء عند الرجال والنساء على حد السواء تكون بسبب حالة تسمى HSPs أو “الأشخاص ذوي الحساسية العالية”
الاستجابات العاطفية الكبيرة عند الأشخاص ذوي الحساسية العالية تستجيب أدمغتهم للعواطف بشكل أكبر من الأشخاص العاديين، وهذا يكون مرتبط بجين معين في دماغهم، يؤثر على منطقة في الدماغ تدعى قشرة الفص الجبهي البطني (vmPFC) وهي المسئولة عن تنظيم العواطف، وهذا يعني أن هؤلاء الأشخاص يشعرون بالمشاعر بقوة أكبر من الآخرين، سواء مشاعر الحزن والإحباط أو مشاعر السعادة والفرح، لكن في العموم تكون هذه المشاعر طبيعية ولا يتم تصنيفها كاضطراب.
بعد كل هذا التقديم الطويل.. لنا أن نسأل يا ترى هل أن الدموع التي ذرفها بايدن يوم تسنمه منصب رئيس أمريكا ماذا كانت تعني ؟ هل هي دموع الفرح بالمنصب، أم لأنه فارق المدينة التي عاش فيها؟ وأن كان السبب لواحدة منهما، ألا يجب عليه أن يبكي دمآ بدل الدموع على الشعوب التي دمرتها الحكومات الأمريكية السالفة؟ ألا يجب عليه أن ينظر لأطفال اليمن ، وسوريا ولبنان والعراق وليبيا وافغانستان، وغيرها من الدول الأخرى التي لازالت تعاني الويلات بسبب السياسات الخاطئة؟!
هل سيتوقف الجنون الذي اصاب امريكا في عهد ترامب؟ هل ستكون أمريكا في ظل الرئيس الجديد ساعية إلى رفض الظلم والاستبداد ضد الشعوب والإنسانية؟ وهل ستعيد النظر في علاقتها مع الشعوب التي شبعت ظلمآ وعدوانآ من جراء تلك السياسات الخاطئة، التي انتهجها ترامب ضد المسلمين فى باكستان وإيران وغيرها من دول العالم الأخرى؟
هكذا رحل رئيس وجاء آخر يا ترى هل ستتقيد امريكا بقواعد القانون الدولي وتحترم مصالح الدول المشروعة وامنها القومي السيادي؟ هل سيكون إنهاء الصراعات الإقليمية في المنطقة والدخول في التعاون ورفض التسلط ونبذ العنف، من تغيير هذه المعادلة التي اصبحت واقعا، بعد التضحيات التي قدمتها الدول من شهدائها وحكمة قيادتها وصبر شعبها، كما رسختها باقي الشعوب الحرة في العالم مهمة لها الأولوية؟!
هل سيكون إحترام حقوق الإنسان وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة لبسط السلام، والسعي ليعم الأمن والأمان على سطح المعمورة هو هدف حقيقي لاقوى دولة في العالم؟!
أسئلة كثيرة حائرة، وربما كلنا يتوقع أن يكون جوابها النفي إن لم يكن كلها، فقد تعلمنا أن دموع التماسيح كاذبة.. ولكن ليس ت فقط تلك المخلوقات دموعها كاذبة.. فهناك كثير من المخلوقات تبكي كذبا.