18 ديسمبر، 2024 8:47 م

دماء مقابل كلمات …!؟

دماء مقابل كلمات …!؟

أثبتت الأحداث بأن الإرهاب الإسلاموي الذي تتبناه القاعدة وسواها ، يمثل العدو الأول للمسلمين ، دولا ومجتمعات وأفراد ، فهي تعطي ذرائع مجانية لمحاربة المجتمعات الإسلامية ، وتمنح المسلم هوية القاتل في نظر المجتمعات الأوربية وعموم دول العالم .

أحداث فرنسا حلقة جديدة في حشد العداء للمسلمين بمختلف مكوناتهم القومية ، ودماء اثنى عشر فرنسيا ً في الهجوم على مجلة (شارلي ابيدو )، قدم فرصة نوعية في استثمار العداء للمسلمين ، بل أعطى ثمرة ناضجة للماكنة الإعلامية والسياسية الإسرائيلية ، وهذا يكرس الشك لمن يعتقد ان ثمة توجيهات صهيونية صرفة تقف وراء تنظيمات القاعدة وافعالها .

كي لانبدو مدافعين عن مجلة (شارلي ابيدو) ومانشرته من رسوم وكلمات مسيئة للرسول محمد (ص) ، فهذا أمر مرفوض تماما بكونه يتعارض مع مشاعر اكثر من مليار مسلم في العالم ، ونسبة تقارب ربع نفوس فرنسا نفسها ، مايعني ان حرية التعبير والرأي في تلك البلدان ينبغي ان يعاد فيها النظر من قبل مجتمعاتهم وسلطاتهم الثقافية والمعرفية نفسها .
حرية التعبير في اوربا انتزعت بتضحيات وجهود نضالية جبار استغرقت مئات السنين ولانعطي الحق لأنفسنا بوضع ميزان لها ، لكن طبيعة الصراعات الدينية المنتشرة في العالم الآن ، تستدعي ان تضع تلك الحرية في حساباتها احترام مقدسات الاخرين ومشاعرهم العاطفية إزاءها ، لأن بعض الحرية المنفلتة والمستفزة ، تعد إعتداء على الآخر المختلف دينيا ًوعقائديا ً.

التعبير بالكلمات والرسوم لايعطي مطلقا ً أي تبرير أو حق في استخدام القتل واستباحت الدماء والأرواح ،والقيام باعمال إرهابية أدخلت العالم بمنعطف جديد من الإجماع ضد المسلمين ، وهكذا رأينا كيف اجتمع رؤساء اوربا وغيرهم من دول العالم للمشاركة في مسيرة الإدانة للجريمة ومرتكبيها ، وماذا سينتج عن ذلك من إجراءات ومواقف تستهدف حياة المسلمين وتقييد حرياتهم ، أو اعمالهم وأرزاقهم وتنقلاتهم .. وربما طرد البعض منهم ايضا ً.

العقل المهيمن في رأس القاعدة، لايخضع لأي من تعاليم الإسلام ،إنما لقانون الإنتقام الدموي ، هذا الأمر أوقع بالمسلمين خسائر باهضة تفوق مايفكر به إعدائهم ، وإذا كانت أحداث ايلول 2000 ، وضعت امريكا موضع العدو الشرس للمسلمين ، و إحتلال دولتين اسلاميتين العراق وافغانستان ، فأن العدوان الإرهابي على فرنسا والهالة الإعلامية والسياسية التي نتجت عنه ، سوف يدفع الكثير من الأوربيين الى التخلي عن دعم قضايا المسلمين ، والتزام موقف اعدائهم في حالة عدم تحولهم لأعداء ايضا ً .

*[email protected]