19 ديسمبر، 2024 2:44 ص

“دماء لن تجف” موسوعة شهداء العراق/4

“دماء لن تجف” موسوعة شهداء العراق/4

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
ورد في الآية {57} من سورة {يس} تصور لأمنيات نزلاء الجنة: “لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون” أردفها بالآية “سلام قولا من رب رحيم” دلالة رفاه مآلهم؛ جزاءً وفاقا لما قدموا من جود للإنسانية، في الدنيا.. “والجود بالنفس أسمى غاية الجود”.

وطالب السهيل، شيخ قريب من العائلة الهاشمية.. الابن الثاني للشيخ علي السهيل من اصل سبع أبناء هم: غالب وطالب وعبد الملك وأحمد وعبد الرحمن وغضبان وحابس وعبد الكريم، تعد عائلته زعيمة لقبيلة بني تميم في عموم العراق حيث كان الشيخ حسن السهيل أميرا للقبيلة، وهو والد كل من النائبة صفية السهيل والروائية سارة السهيل.

إعتقل في عهد عبد الكريم قاسم، العام 1959؛ بسبب لقاءاته مع الملحق العسكري المصري، ومن المعتقل نفي الى الأردن، في ضيافة الملك الحسين، الذي تربطه به علاقة وطيدة، منذ الطفولة.. عينه مستشارا، ماكثا حتى العام 1968؛ إذ عاد بموجب عفو أصدره، الرئيس العراقي الأسبق عبد الرحمن عارف.

إغتيل برصاصتين من مسدس مزود بكاتم صوت، داخل منزله، في لبنان العام 1994؛ فوجهت أصابع الإتهام إلى المخابرات العراقية والأمريكية؛ لأن الولايات المتحدة ترفض السهيل، بديلا عن صدام حسين؛ إذ لم تره رئيسا مناسبا للخراب، الذي تبتغيه في المنطقة.

يبدو انها كانت تدخر لنا سوقة المجتمع، الشرهين، حد الفساد بتقاضي رواتب ورشاوى خرافية، على مدى إثنتي عشر عاما، ولم ترتوِ لديهم شهوة المال والجاه.. أما شخص ممتلئ بوعي نزيه، يترفع عن التهافت على المغريات، التي تضاءل أمامها سواه، فالظاهر لم تجده القوى الدولية مؤهلا لتدمير العراق؛ لأنه لو حل على دفة الحكم، لإرتقى به، الى ما لا تشتهي مصالحهم.

ألقت السلطات اللبنانية، القبض على اربعة دبلوماسيين، ثبت بالفعل تنفيذهم للإغتيال، أنقطعت على أثره العلاقات بين الدولتين أعواما عدة، ثم تمت تسوية القضية.. نفعيا.. بينهما؛ فأخلي سبيل ثلاثة، بعد موت أحدهم أثناء السجن.

ولأنه يحمل الجنسية الاردنية، إحتجت المملكة، مطالبة بتسليمهم لها، ولم يحدث ذلك؛ لأنهم عادوا للطاغية المقبور صدام حسين، عن طريق سوريا، التي تواطأت حد فتحها معبر “البوكمال” المغلق منذ سنين، لمدة ثلاث ساعات، مروا خلالها.. وعادت العلاقات الدبلوماسية العراقية ـ اللبنانية، نظير تحويل جزء من الواردات التي كانت تاتي عن طريق ميناء العقبة إلى ميناء بيروت.

السهيل.. شهيد رفعته؛ لأنه إنموذج تأملي، طرح بديلا عن شخصية صدام الهوجاء، التي أريد إستبدالها بمن يسرعون إندفاع البلاد، الى الهاوية بقوة، فلا إرتضى الخراب لوطنه ولا امريكا إرتضته مصلحا؛ فلم يأل صدام جهدا، في إنتهاز الفرصة.. يغتاله؛ لتخلو الساحة، من بديل أمثل حتى هذه الساعة.

رحم الله طالب السهيل، ومكنه من نيل ما يدعيه، في جنان النعيم “سلام قولا من رب رحيم”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات