ليست دلالة مادة(ط.و.ع)بعيدة عن دلالة مادة(ع.ب.د)بالمفهوم القرآني، اذ يقال أطاع يطيع اطاعة،اذا انقاد لشئ. وفلان طوع يديك، أي:منقاداليك. والطوع: الانقياد،وضده الكره. والتطوع في الاصل:تكلف الطاعة…وهي عند المحققين:اسم للمعاني بها يتمكن الانسان مما يريده…قال اللحياني:أطعته وأطعت له،فأنا طائع ، وطاع يطاع وأطاع: لان. اذا ف(فالطاء والواو والعين)أصل صحيح واحد يدل على الأصحاب والانقياد،يقال:أمره فأطاع. ف(الطاعة لا تكون الا عن أمر، كما أن الجواب لا يكون الاعن قول.
والطواعية:اسم لما يكون مصدرا لطاوعه. وطاوعت المرأة زوجها طواعية ،وفي الحديث الشريف:(ثلاث مهلكات وثلاث منجيات،فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه…).
والطاعة اصطلاحا:هي موافقة الأمر طوعا. وعرفت ايضا بأنها : كل ما فيها رضا الله تعالى وضدها المعصية. فهي فعل المأمورات ولو ندبا، وترك المنهيات ولو كراهة .والطاعة تجوز لغير الله تعالى وفي غير معصية، بعكس العبادة فلا تجوز لغير الله تعالى.
وفرق أبو هلال العسكري بين الطاعة والعبادة ،بأن جعل الطاعة الفعل الواقع على حسب ما أراده المريد متى كان أعلى رتبة ممن يفعل ذالك ،وتكون للخالق والمخلوق. واما العبادة فلا تكون الا للخالق. ثم أشار الى الطاعة في مجاز اللغة، فبين أنها اتباع المدعو الداعي الى ما دعاه اليه… فبينهما اذا عموم وخصوص،من حيث أن العبادة خاصة بالخالق، والطاعة يجوز ان تكون من البشر الى البشر. فكل عبادة طاعة،وليست كل طاعة عبادة.
والعبادة:الطلعة،وتعبد فلانا،اذا صيره كالعبد له وان كان حرا. ورد الفعل(عبد)بصيغة الفعل الدالة على التحقق ،وتضعيف عين الفعل التي هي( الباء المشددة)للدلالة على الصيرورة في قوله تعالى:(وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل)الشعراء:22، أي بمعنى:اتخذتهم عبيدا لك. والكلام لموسى عليه الصلاة والسلام حين خاطب فرعون. وقيل بمعنى: تمن علي بالتربية وقد أهنت قومي، فعددت نعمة علي على تعبيد بني اسرائيل، وهي ليست في الحقيقة نعمة،انما هي نقمة، لانك كنت تذبح ابناءهم فلذالك ساقني القدر اليك، فوصلت اليك، فتربيت ببيتك بقدر من الله .
ولقد ورد الجذر(ع.ب.د)بدلالة ومعنى الطاعة في(58 )موضعا من القران الكريم، لامجال لحصرها في هذا المقال القصير.