لا اعرف كيف أوقعني الحظ السيء مع احد أغرب الناس سلوكاً ومنطقاً …ومنبع الغرابة ناجم عن تصرفات وسلوكية لا تنسجم مع ما يدعيه من مكانة أجتماعية وعلمية ولا يمكن أدراجها ضمن عاطفة ودفء وكرم الشرق أو واقعية وألتزام الغربيين المقرونة بالانسانية فهو كالغراب الذي أضاع مشيته فلا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ..الرجل يدعي حصوله على شهادة الكتوراه وموضع حسد وغيرة زملائه ورؤسائه في العمل بسب ظهوره الدائم على شاشة التلفزيون كمقدم لبرنامج علمي ضمن أختصاصه مما يجعله تحت الأضواء وهذا ما يثير غيرة وانزعاج مدرائه..يحمل كروت تعريفية ستتزود بواحد منها بعد مصافحته مباشرةً مطبوع عليها (الدكتور فلان الفلاني ) أما حينما يتحدث عن وجاهة أبيه يسهب مطولاً مبيناً مكانته بين افراد الاسرة والعشيرة والمجتمع فالناس (تحلف برأسه ) كما يقول المثل العراقي .
ألتقيت (الدكتور) لاول مرة في بغداد بعد مكالمة هاتفية جرت بيننا قبل اللقاء لغرض التفاهم على موضوع ما وبعد تبادل التحايا والتعريف مدح مطولاً أقربائي ووصفهم بخيرة الناس لا سيما أنه يرتبط بهم بحكم العمل غير أني لمست بعض الغرابة والتصنع في السلوك والمفاهيم بعد ان كر الحديث بيننا وقد صدق حدسي وثبت ذلك جلياً حينما زرته في بيته البعيد عن الوطن فأكتشفت بعده عن القيم والتقاليد والاخلاق التي أعتدنا عليها ،بعيداً عن دفءالمشاعر الانسانية والألفة المجتمعية التي تغمرك حتى وأنت تتجول بلا هدف في شوارع المدن العراقية الرازحة تحت نير التخلف والاهمال لكنها عامرة بالمحبة والتعاون (أقصد أهلها الأصلاء وليس المسوخ التي أفرزتهم الحقبة الجديدة )فصاحبنا هذا لم يكلف نفسه تقديم كأس ماء ونحن نلتقي تحت سماء أخرى أو كما يقول الشاعر سعدي يوسف (بعيداً عن السماء الأولى )
بمئات أو آلاف الكيلومترات تجاوزت ذلك لكن الذي أذهلني تصرفاته الجافة وتزمته في الحوار وفجاجته في التعامل وحتى لا تاخذكم الظنون بعيداً وتصوركم أنه متفضل عليَ أوأني ضيف ثقيل الظل بل على العكس أنا ألتقيه لأتمام صفقة بدأت في بغداد وهو المستفيد الاكبر منها ولدقائق معدودة.
ترى هل يحاول البعض من العراقيين في المجتمعات الأوربية الأنسلاخ من ذواتهم وحلتهم الوطنية المتميزة بالكرم والسخاء والمحبة وهذا ما شهد به القاصي والداني والهروب الى أشكالاً جديدة تجعل منهم نشازاً صارخاً لا سيما هم يتقمصون الشكل دون المضمون الانساني الرائع المتميز بالسلوك العصري المنضبط واحترام حرية الأخرين والتعامل بواقعية دون تكلف …هنا تردد في ذهني صدى الاغية التي تقول (الشمس شمسي والعراق عراقي ….ما غير الدخلاء من اخلاقي ).