هي سنة الكون، تزامن الولادة والفناء، لكن أن تكون في عالم السياسة سنة أيضاً! فهذا الذي يحتاج الى مصداق.
المصداق أن ترافقت ولادة دكتاتورية المالكي، مع فناء ديمقراطية سلفه المجيد، فبعيداً عن العواطف السيزيفية، ودموع التماسيح المتأسلمة، يمكننا القول: أن النخب السياسية التي تحكم العراق بعد أحتلاله أو تحرره، – كما يحب أن يصفه البعض- لم تمتلك الرؤية والدوافع الحقيقية، لمشروع دولة طويل الأمد، يتناسب وحجم التحديات التي تواجهنا؛ بعد زوال راديكالية نظام القهر والإذلال البعثي.
يا سادة يا كرام: كان صدام حسين المجيد، أكثر ديمقراطية من نوري كامل المالكي! فصدام رجل متصالح مع نفسه لم يخدع شعبه، رغم نرجسيته العالية، وأعتداده بنفسه، أورثها لمن تسنم مقاليد الحكم بعده، فحزب البعث منذ ولادته وحتى يوم فناءه كان يعلن أنه الحزب ألقائد، والحزب القائد يخضع الشعب لمنظومته، بطرق الترهيب والتخويف والتعذيب والأقصاء والتهميش، التي تعرفونها أو تلك التي لا تعرفونها، لتكون وسيلته للوصول الى الحكم وتطبيق رؤاه، وكانت صناعة الخوف أدوات بعثية، أرغمت العراقيين على الأنتماء للحزب ألقائد، والأيمان بمعتقداته والالتزام بمبدأ نفذ ثم ناقش .
أن المصلحة الحزبية الضيقة، كانت ولما تزل المحرك الأساسي لسياسة الحزب الحاكم، والقائد الضرورة، على مر التاريخ السياسي لهذا البلد، فأنشأوا سوق نخاسة فكرية، لبيع الولاءات لمن ألتزم بمبدأ الحزب، غير عابئين بمصلحة بلد يغط فى سبات الفقر والجهل وألتخلف.
هذه النقطة يا سادة أجتمعت بحزبي البعث والدعوة، لكن أختلفت طرق تطبيقها، فحزب البعث طبقها بحق الشعب بترهيبهم وتخويفهم واستغلال صمتهم، أما حزب الدعوة فطبقها بأساليب مستحدثة عمادها الترغيب والخداع، وهنا أترك لكم الحكم من الديمقراطي ومن الدكتاتوري؟
فحزب الدعوة الذي يقوده المالكي، والذي لانعلم ما مرجعيته بعد أن حُلْ عام 1967، قبل أستشهاد مؤسسيه السيدين محمد باقر الصدر ومهدي الحكيم، أصبح يؤمن بنفس العقيدة التي جاء بها حزب البعث، متخذاً من الديمقراطية وسيلة للوصول للسلطة.
هذا ما لا ينكره قادة الدعوة و(دعاته)، وآخرها أللقاء ألمتلفز لقيادي حزب الدعوة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الاديب: “نحن نؤمن أن الديمقراطية آلية للوصول الى الحكم، وبعدها نطبق رؤآنا”.
هذه النظرية هي عينها التي اسقطت نظام الأخوان في مصر، بعد أن أمضوا 83 سنة، يعدون انفسهم للوصول الى السلطة، لكنهم فشلوا بالاحتفاظ بها سنة واحدة! لان المصريين أدركوا أن ذوي الجباه ألموسومة والدعاة الطيبين المؤمنين الصالحين، خالفوا مبدأ الشورى والنص القرأني الذي جاء في سورة ال عمران في الاية 159 ” وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”.
فقد تجاهل (ألأخوان) الشورى، وتركوها خلف ظهورهم، وتمسكوا بالجزء الأخير من الآية الكريمة، وحتى التوكل على الله تناسوه! وعزموا فقط على التمسك بالسلطة وتلابيبها! لتكون النتيجة أن رفضهم 30 مليون مصري؛ وما حصل في مصر سيحصل في العراق، فقد خالف حزبنا الحاكم الأية التي كانت أساس لأنطلاق حزب الدعوة {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} الآية 38 من سورة الشورى، وهو ذات السبب الذي جعل السيد الصدر تراجع بفكرة أكمال مشروع حزب الدعوة عام 1967م نتيجة لمعارضة بعض الاطراف من علماء ومراجع الشيعة، وهنا أنتفت نظرية الشورى فحل الحزب على ذلك الأساس .