23 ديسمبر، 2024 1:56 ص

دكتاتور من الماضي يبني مملكة على أنقاض الخيانة.

دكتاتور من الماضي يبني مملكة على أنقاض الخيانة.

يذكر الكاتب (صلاح الخرسان) في كتابه (الإمام السيد محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق)، حيث ينقل عن (مسعود البرزاني)، قوله جاء (محمود بابان) وهو صديق عزيز على الوالد، ويكن له الوالد إحترام خاص، حيث وصل الى مقر البرزاني في 29 ايلول 1965، يحمل معه رسالتين، احداهما من الحكومة البريطانية، والأخرى من (الملك حسين بن طلال) ملك الأردن، تتضمنان تخطيطاً لقلب نظام الحكم في العراق، بإغتيال (عبد السلام عارف)، بالتعاون مع الأكراد والتنسيق مع ضباط عراقيين كبار، عن طريق التنظيم العسكري لحزب البعث، فإن تمت الموافقة سيأتي كل من اللواء الركن (غازي الداغستاني) مندوباً عن الأردن، و(جوليان إيمري) عن بريطانيا، للتنسيق مع (المله مصطفى برزاني)، ووافق الأخير ورحب بهم، وفي الثالث من تشرين الاول 1965 جاء المندوبان الى كردستان، و بعد التنسيق والمداولة تم تكليف النائب ضابط الفني (مهدي عبيد)، من اهالي الدجيل، وهو تابع لخط (حردان التكريتي)، حيث يقوم بوضع مادة حارقة في خزان وقود الطائرة قبل إقلاعها، وتمت العملية في مطار الشعيبة، ولقى (عبد السلام عارف) حتفه بهذه العملية”، وكانت تلك البداية لتسلط حزب البعث الفاشي على الحكم في العراق.

لم يكتفي بهذه الخيانة، ففي ايام المعارضة الكردية التي كانا يقوداها هو و(جلال الطلباني)، ضد النظام العراقي السابق لـ(صدام حسين) كان الخلاف بينهما في اشده، فحاول التخلص من (جلال طلباني) بكل صورة، حتى وصل به الحال الى طلب العون من (صدام حسين)، أثناء زيارته في بغداد، للقضاء على الأخير، وفعلاً قام الجيش العراقي بعدة هجمات، بمساعدة (برزاني) وحزبه، لمقاتلة طلباني، وتم قتل من قتل وأسر من أُسر من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهروب الآخرين الى الجبال، هؤولاء الأكراد الذي يدعي انه المحامي الوحيد عنهم اليوم.

لم تنته الخيانة عند هذا الحد، فهو متهمٌ ايضاً بمساعدة داعش، لدخولهم الى المحافظات الغربية، بأوامر أمريكية وتركية، ومنع الجيش العراقي في تلك المناطق من الدخول الى كردستان، الا بعد تسليم اسلحتهم ومعداتهم وآلياتهم، وإنزال العلم العراقي الذي تحمله السيارات العسكرية، وكأنهم يدخلون الى دولة غير العراق.

برزاني اصبح دكتاتور حقيقي، فعندما تستمع الى اي سياسي كردي، تجده يتحدث بخوف حقيقي من دكتاتورية قادمة، لكنه يخشى ان يشير الى اسم الدكتاتور الجديد، مما يدل عن وجود خشية حقيقية من سطوته وسلطته، وهذا واضح جداً عندما منع رئيس البرلمان الكردي من دخول مبنى البرلمان، وعطل عمل البرلمان لعدة اشهر.

برزاني يريد ان يصبح زعيماً او ملكاً على مملكة خاوية، لا توجد فيها اي مقومات للحكم، وهو بالمقابل يدرك هذا الأمر جيداً، لكنه يخشى تأجيل ذلك الأمر، لأن لا يأتي اليوم الذي هو فيه غير موجود، فهناك انزعاج كبير حقيقي من قبل الشعب الكردي، من سياسة (مسعود برزاني)، فالكل يخشاه ويخشى من دكتاتوريته القادمة، دكتاتورية بوليسية، يهيمن من خلالها على مقدرات شعب بأكمله، فهم لا يستطيعون ان يسائلوه عن الأموال الباهظة التي كان يأخذها من الحكومة الإتحادية، وعن إيرادات المنافذ الحدودية التي تدخل من خلالها آلاف الأطنان يومياً، وعن أموال نفط الإقليم الذي يباع في السوق السوداء، وعن الجبايات وغيرها من الموارد التي في الإقليم.

اصبح خوف الشعب الكردي واضحاً جداً، من سيطرة (مسعود البرزاني) وحزبه على الإقليم، وإستحواذه على مقدراته وثرواته، وإنفراده بالقرار السياسي، وإصراره على الإستفتاء وسط رفض واسع من قبل حليفهم الرئيسي (الولايات المتحدة الأمريكية)، وعلى لسان وزير خارجيتها (ريكس تيلرسون)، وإرتفاع أصوات (الدول الأوربية) بالرفض الحاد، وإصرار الجارتين (إيران وتركيا)، على معارضتهم الحادة، وعدم السكوت حيال إعلان قيام الدولة الكردية، مع إرتفاع أصوات الدول العربية بالرفض، ناهيك عن التقاطعات الشديدة مع الحكومة الإتحادية، وهذا الرفض الواسع سيجعل كردستان في عزلة عن دول العالم، ما دفع الشعب الكردي الى معارضة الإستفتاء، على أقل تقدير في الوقت الحالي، حتى يتبدد الخوف لديهم منه، وإقناع الدول الرافضة للإنفصال.

الشعب الكردي اصبح بين امرين اهونهما هو اشد مرارةً من الآخر، فإما أن يرفضوا الإستفتاء ويكون نهايةً لحلمهم بالدولة الكردية، او يقبلوا به وتكون نهايةً لحريتهم، وبداية لتأسيس دكتاتورية وراثية لا يمكن الخلاص منها في المستقبل، إلا بثورة شبيه للثورات السابقة، تراق بها دماء الشعب الكردي من اجل حقوقهم التي ستسلب في قادم الأيام، مع إعتقادهم المطلق بإفتقار الإقليم الى ادنى مقومات الدولة، وسعي برزاني الى بناء دولة على أنقاض خاوية.