23 ديسمبر، 2024 11:12 م

دكتاتورية الفساد …..؟

دكتاتورية الفساد …..؟

هي دكتاتورية نفوس تسلطت وطباع أنحرفت وأمزجة تلوثت وتعقدت فصنعت لآهل ألارض المأسي , أختطفت الحقوق , وضيعت الموازين , وأهدرت الكرامات , وأستباحت السيادة والحرمات , وقتلت ألامل , وأخترقت أمن الناس , وصدرت الخوف والرعب , هي سلالة منحرفة على مدى التاريخ , فلنذكر ولنحذر من بقائها وأستمرارها , فأنها في العراق هلاك لآهله , وفي العالم فساد للبشرية .
وأذا تولى سعى في ألارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد ” – 205- البقرة –
وأذا قيل لهم لاتفسدوا في ألارض , قالوا أنما نحن مصلحون -11- البقرة –
ألا أنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون -12- البقرة –
وأذا قيل لهم أمنوا كما أمن الناس , قالوا أنؤمن كما أمن السفهاء ألا أنهم هم السفهاء ولكن لايعلمون -13- البقرة –
كلما أوقدوا للحرب نارا أطفأها الله ويسعون في ألارض فسادا والله لايحب المفسدين – 64- المائدة –
….ولا تشتروا بأياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون -44- المائدة
… ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون – 45- المائدة –
…. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون – 47- المائدة –
الدكتاتورية : حالة نفسية تنطوي على فجور . والفجور قليله وكثيره مدمر فهو حرام , قال تعالى :” ونفس وماسواها فألهمها فجورها وتقواها ” .
ولا يظنن أحد أن ألالهام هنا هو ” الجبر ” فهذا رأي من أراء الفساد الذي صنع دكتاتورية العقول المتحجرة التي غادرت فضاءات النور والرحمة ألالهية الى كهوف الظلمة والديجور
بل هو يكشف عما ينطوي عليه التكوين من قبل الله مع العقل , فعندما يكون العقل حاضرا في التكوين تنتفي صفة ” الجبر ” التي يتوهمها البعض , وتبقى صفة الخيار وألاختيار حاضرة
قال تعالى :” ولوشاء ربك لآمن من في ألارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين – 99- يونس – وعليه فالجبر وألاكراه مرفوض في دين الله ,” من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”
والدكتاتورية سلوك قد تبدو ملامحه في كل من :-
1-  رب ألاسرة رجلا أو أمرأة ؟
2-  رب العمل .
3-  رئيس القبيلة .
4-  رئيس المؤسسة الدينية .
5-  رئيس الحزب .
6-  رئيس النقابة .
7-  رئيس المنظمة .
8-  رئيس الدائرة .
9-  الوزير
10-                     رئيس الحكومة
والسلوك الدكتاتوري يظهر في الحقول التالية :-
1-  الحقل السياسي
2-  الحقل ألاجتماعي
3-  الحقل ألاقتصادي
ومثال الحقل السياسي : –
1-  مجلس ألامن الدولي
2-  القطبية ألاحادية الدولية , ومثلتها في العشرين سنة الماضية أسوأ تمثيل ” أمريكا ” التي فرضت ما يقرب من ” 60 ” فيتو ضد القضية الفلسطينية ولصالح أسرائيل ؟
3-  أنظمة الحكم الدكتاتوري
4-  أحزاب السلطة الدكتاتورية
ومثال الحقل ألاجتماعي :-
1-  دكتاتورية رب ألاسرة
2-  دكتاتورية رب العمل
ومثال الحقل ألاقتصادي :-
1-  دكتاتورية الشركات الكبرى
2-  دكتاتورية صندوق النقد الدولي
3-  دكتاتورية ” ألانترنيت ” وهي من الدكتاتوريات المستحدثة في حياتنا والتي لم ينتبه اليها الناس بعد ولم يعرفوا خباياها ؟
ودكتاتورية الفساد تجمع الخصائص التالية :-
1-  خصائص الظلم .
2-  خصائص الفسق .
3-  خصائص الكفر .
وكل واحدة من هذه الصفات تنطوي على مضامين ألاخريات , فعندما يسود الظلم يتحقق كل من :-
1-  الكفر
2-  الفسق
وعندما يسود الكفر يتحقق كل من :-
1-  الظلم
2-  الفسق
وعندما يسود الفسق , يتحقق كل من :-
1-  الظلم
2-  الكفر
ويصاحب حالة الفساد على هذه المستويات الثلاثة كل من :-
1-  السفاهة
2-  اللؤم
3-  الحقد
4-  الكراهية
وينتج عن مجموع الصفات ألاصلية والصفات المضافة مايلي :-
1-  الخشونة
2-  الشغب
3-  الفوضى
4-  العنف
5-  ألاقتتال
6-  الحرب
وهذه هي التي تهلك الحرث والنسل , وهي نتيجة للفساد الذي قال عنه تعالى :” أنتشر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ”
واليوم هناك محاولات لنشر الفساد في الفضاء , ولكنها لازالت محاولات تبقى في أطار التمني بالرغم من قيام البعض بمشروع وهمي يعبر عن فساد ألاراء وهو ” شراء أراضي في القمر ”
وحرب النجوم : هو محاولة لنقل الفساد الى الفضاء ؟
وهو محكوم عليه بالفشل لقوله تعالى :” يامعشر الجن وألانس أن أستطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات وألارض فأنفذوا لاتنفذون ألا بسلطان – 33- فبأي ألاء ربكما تكذبان –34- يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران – 35- سورة الرحمن –
وللفساد مظاهر أخرى هي :-
1-  ألافتراء : وهو أعظم الكذب وأدهاه لآنه لايتوقف عند أنكار الحقيقة , وأنما يتعداها لآلباس الباطل وجه الحق , مع مصادرة حقوق أهل الحق وتشويه سمعتهم , وألانظمة الفاسدة هي مفترية على شعوبها وعلى الله , وعصابات ألارهاب التكفيري الوهابي مفترية على كل من :-
1-  على الله
2-  وعلى كتاب الله
3-  وعلى الشريعة ألاسلامية
4-  وعلى الناس .
2-  ألاستكبار : سلوك الفساد هو سلوك أستكباري ولاسيما عند الملوك والفراعنة ومن هم بدرجتهم من السلطة قال تعالى :” ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون الى فرعون وملائه بأياتنا فأستكبروا وكانوا قوما مجرمين – 75- يونس – وقال تعالى عن فرعون :” وأستكبر هو وجنوده في ألارض بغير الحق وظنوا أنهم الينا لايرجعون – 39- القصص – وقال تعالى :” أن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما أن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة أذ قال له قومه لاتفرح أن الله لايحب الفرحين – 76- القصص- فخسفنا به وبداره ألارض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين – 81- القصص –
ومن ألامم الفاسدة في التاريخ :-
1-  قوم نوح : قال تعالى :” كذبت قوم نوح المرسلين – 105 – الشعراء – أذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون – 106 – أني لكم رسول أمين – 107 – فأتقوا الله وأطيعون – 108 – وما أسألكم عليه من أجر أن أجري ألا على رب العالمين – 109 –فأتقوا الله وأطيعون – 110- قالوا أنؤمن لك وأتبعك ألارذلون – 111 – الى أن يقول تعالى ” فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون -119 – ثم أغرقنا بعد الباقين – 120 –
2-  قوم عاد : قال تعالى :” كذبت عاد المرسلين – 123- أذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون – 124 – وقصة أصحاب هود من قوم عاد تشبه قصص الفاسدين عندنا اليوم الذين أستغلوا المال العام لمصالحهم الخاصة , فقاموا بألاستثمار الفاسد وبنوا القصور وأسسوا الشركات وأنشأوا المزارع والمصانع قال تعالى عن قوم عاد :” أتبنون بكل ريع أية تعبثون – 128 – وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون – 129- وأذا بطشتم بطشتم جبارين – 130 – الى أن يقول تعالى :” فكذبوه فأهلكناهم أن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين – 139 –
3-  قوم ثمود : قال تعالى :” كذبت ثمود المرسلين -141- الشعراء – أذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون – 142 – الى أن يقول تعالى : ” أتتركون في ماهاهنا أمنين – 146 – في جنات وعيون – 147 – وزروع ونخل طلعها هضيم – 148 – وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين 149- الى أن يقول تعالى :” فأخذهم العذاب أن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين – 158 – الشعراء –
4-  قوم لوط ” قال تعالى :” كذبت قوم لوط المرسلين -160- الشعراء – أذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون – 161- الى أن يقول تعالى ” أتأتون الذكران من العالمين – 165- ويقول تعالى ” وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين – 173-
5-  أصحاب ألايكة : قال تعالى ” كذب أصحاب لئيكة المرسلين – 176- الشعراء – أذ قال لهم شعيب ألا تتقون – 177- الى أن يقول تعالى ” وأوفوا الكيل ولاتكونوا من المخسرين – 181- وهؤلاء يشبهون عندنا من سرقوا البطاقة التموينية ومحتوياتها وتلاعبوا بمفرداتها فهم مثل قوم شعيب الذين قال عنهم تعالى ” وزنوا بالقسطاس المستقيم – 182- فعندما لم يلتزموا وكذبوا شعيبا قال عنهم تعالى ” فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة أنه كان عذاب يوم عظيم – 189- الشعراء –
6-  قوم فرعون : قال تعالى ” وأستكبر هو وجنوده في ألارض بغير الحق وظنوا أنهم الينا لايرجعون -39- القصص – فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فأنظر كيف كانت عاقبة الظالمين – 40- القصص –
7-  أهل سبأ : قال تعالى : لقد كان لسبأ في مساكنهم أية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم وأشكروا له بلدة طيبة ورب غفور – 15- سبأ – فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيئ من سدر قليل -16- سبأ –
وعاقبة تلك ألامم السابقة كانت على الشكل التالي :-
1-  منهم من أخذته الصاعقة
2-  ومنهم من أخذته العاصفة والريح المدمرة
3-  ومنهم من أخذه الغرق
4-  ومنهم من أخذته الفيضانات والطوفان
5-  ومنهم من خسفت به ألارض
6-  ومنهم من أخذه السيل
وتلك العاقبة كانت نتيجة غضب الله على القوم الفاسدين الذين أستجمعوا صفات :-
1-  الكفر
2-  الفسوق
3-  الظلم
4-  ألاستكبار
5-  ألافتراء
ولكن ألامة ألاسلامية : سميت بألامة المرحومة : لآن الله تعالى ببركة رسول الله “ص” خاتم ألانبياء والمرسلين وأفضلهم , وصاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة وفي الدار ألاخرة , لذلك شاء الله تعالى أن لاينزل غضبه على أمة محمد بن عبدالله كما كان يفعل مع ألامم ألاخرى , ولكنه تعالى لم يمنع عليهم ألابتلاء قال تعالى :” وما كنت معذبهم وأنت فيهم وما كنت معذبهم وهم يستغفرون ” .
والفساد الذي نشاهده اليوم لاسيما في العراق هو أبتلاء يدفعنا للتخلص منه , من خلاص التخلص من الفاسدين , وأصلاح النفوس مقدمة لآصلاح الحكم .
والفساد في العراق أصبحت له ملفات , وله قصص تشيب الرأس ويهرم منها الوليد , وأصبحت له أحزاب تدافع عنه , وفتاوى تعطيه الذريعة , وبرلمان بغض الطرف , وحكومة ضعيفة لاتقوى على ملاحقة الفاسدين , ولاتعرف ألية ناجحة ومحكمة للآصلاح لآنها تخلو من العقول والكفاءات , لآعتمادها على مادون ذلك ؟ ومحطات الفساد كثيرة منها :-
1-  فساد الكهرباء
2-  فساد العقود مثل :-
أ‌- عقود وزارة الدفاع
ب‌-  عقود وزارة الداخلية
ت‌- عقود وزارة النفط
ث‌- عقود وزارة التجارة – البطاقة التموينية مثالا
ج‌- عقود وزارة الصحة
ح‌- عقود وزارة التربية
خ‌- عقود وزارة النقل
د‌-    عقود هيئة الحج والعمرة
ذ‌-    عقود بقية الوزارات
ر‌-  عقود ألايفادات في كل المؤسسات من حيث التنظيم والتخطيط والتوجيه .
3- فساد النفوس : ومن مظاهره : أختلال منظومة القيم في المجتمع , وهذا ألاختلال يشكل القاعدة التي أستثمرها ألاحتلال ألامريكي وبقية حلفائه في السنوات ألاولى للآحتلال بعد العام 2003
وفساد النفوس يشكل الدكتاتورية ألاولى وألاكبر التي تغذي بقية أنواع الفساد , لتجعل منه مستديما ومهيمنا حتى يظن الناس أن لاخلاص ولا مهرب من صنمية الفساد , وهنا نستذكر قول ألامام علي عليه السلام حيث قال عن الفساد :- حتى ظن الناس أن الدنيا معقودة على بني أمية ؟ ثم يقول عليه السلام :-
” وما هي ألا لمضة من عيش وبرهة من زمان ”
وعلى ضوء ذلك علينا أن لا نيأس , وأن نبادر للعمل بعد أخلاص النية للله ومن أجل الناس كل الناس , فالناس عيال الله
والله بالغ أمره .

* رئيس مرطز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]