في الساعة الرابعة إلا عشر دقائق، عصر السابع من حزيران عام 1981، قام سرب من الطائرات الإسرائيلية مكوّن من مقاتلات اف 16 واف 15 بالانطلاق من سيناء وبارتفاع تراوح ما بين 90 الى 150 مترا. كان طياروها يتحدثون العربية للتمويه. بعد أقل من ساعتين حلقوا فوق منطقة “سلمان باك” ببغداد حيث مفاعل تموز النووي وخلال أقل من دقيقتين أطلقت 16 قنبلة هائلة، أصابت 14 منها هدفها بدقة ولكن دون أن ينهار المبنى الذي تعرض إلىأضرار جسيمة. وراح ضحية العملية أحد عشر شخصا منهم تقني فرنسي الجنسية، كان عميلا للمخابرات الإسرائيلية، وهذا التقني هو مَن ساعد اسرائيل في وضع جهاز تنصت داخل المفاعل. ولكن الموساد ارتأى التخلص من عميله!
للتذكير، فالقصة تعود إلى أواخر السبعينات، عندما اشترى العراق مفاعلا نوويا من فرنسا. وقد أدركت المخابرات الإسرائيلية ان الغرض الرئيس من ذلك هو بناء مفاعل نووي عسكري قد يهدد إسرائيل. وبدأ التخطيط لتدميره منذ شباط 1980 واستعجل الأمر رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن خشية من أن لا تسمح الحكومة الإسرائيلية المقبلة بتوجيه الضربة. أما الطائرات الأمريكية المغيرة فقد كانت الولايات المتحدة قد اتفقت علىتسليمها لإيران ولكن اندلاع الثورة الإيرانية دفع لإلغاء الصفقة، فصارت من حصة إسرائيل، وبلغت الخسائر العراقية في ذلك الحين، ما يقارب نصف مليار دولار، وترتفع قيمة المبلغ الآن مع زيادة القوة الشرائية.
وقتها اجتمع مجلس الأمن، وأصدر قرارا برقم 487 لسنة1981 تضمن إدانة واضحة لإسرائيل؛ بسبب عدوانها علىالمفاعل النووي، الذي كان لإغراض سلمية، لكن تفعيل القرار توقفَ لأسباب لا يعلمها إلا رونالد ريغان وصدام حسين وكورت فالدهايم!!
المطلوب ـ الآن ـ إثارة الموضوع، وعلى لجنتي “النفط والطاقة” و”القانونية” النيابيتين أن تعدّا لائحة تعينان فيها وزارة خارجيتنا النائمة لتفعيل قرار مجلس الأمن آنف الذكر، لأن من حقّ العراق الحصول على تعويضات من إسرائيل.
ولا يتطلب الأمر سوى تكليف مكتب محاماة عالمي لإقامة الدعوى ومطالبة الأمم المتحدة بتفعيل القرار، ونحن لدينا كافة المعطيات من الخرائط والتفاصيل، التي تؤكد أنالمفاعل كان لأهداف سلمية، بالتالي على إسرائيل دفع التعويضات المطلوبة، وهذه طريقة “مدسترة” كي تتعاظم مواردنا المالية حسب خطة الحكومة المفلسة ماليا وسياسيا، وقديما قال آباؤنا العراقيون:
إذا فلّس التاجر، يگوم يدوّر بدفاتره العتيگة.