23 ديسمبر، 2024 7:06 م

دقت ساعة التقسيم : ربيع المشايخ… خطاب الدوري … رايات الجيش الحر ؟

دقت ساعة التقسيم : ربيع المشايخ… خطاب الدوري … رايات الجيش الحر ؟

لا يبدو تصاعد الإحداث بهذه الصوره الدراماتيكية في العراق وكأنه  أمر عفوي بلغ ذروته بعد مرور عام على الانسحاب الامريكي و الذي كان سلسله من الاحتقان و الأزمات الداخلية ضيعت على العراق فرصه التقاط أنفاسه ولعق جراحه في ظل وضع عربي وإقليمي مضطرب وخطير جدا بات يدق أبواب التقسيم في اكثر من بلد عربي بقسوة وإلحاح  وينذر بخطر محدق بالجميع مع انكشاف كثير من الأوراق على خلفية دمويه الصراع الأهلي في سوريا الذي اعترفت الأمم المتحدة بطابعه الطائفي واستحالة الاستمرار فيه دون تمزق ألدوله ومكوناتها … وجاءت أزمة قطع طريق الدولي الموصل الى  الشام من قبل مواطنين غاضبين من أهالي الانبار تعبيرا عن مطالب  تعبر في اغلبها عن هموم مشتركه لمكون هام وأساس وكأنها تفسر ذاتها من خلال الاختيار المكاني للحدث  و توقيته غير العفوي وامتداده الى  ثلاث محافظات أخرى.
… وبعيدا عن  المطالب ال13 التي رفعها  المتظاهرون باعتبارها تشكل هواجس ورغبات مكون معين  كنتيجة منطقيه لموقف غالبيته  الرافض في السابق من العملية السياسية المعبر عنه بالعنف المسلح  المحصور في عدد من المحافظات التي تشهد التظاهرات وبعضها  قابل للتنفيذ عبر الصيغ القانونية والتوافق وتعديل القوانين والأخرى  تثير نقاشا دستوريا وقانونيا سرعا نما سيتحول الى احتقان طائفي خطير سيمتد من الهرم السياسي الى الشارع  خاصة…. فان مجرد تغيير الشعارات واللافتات لن يغير من قناعه الآخرين بان الخطاب الطائفي والتهديد بقطع الفرات وخلق كانتون سني يمتد من الحدود السورية العراقية الى الأردن الوطن البديل للفلسطينيين وتشبيه الشركاء بألفاظ فاشيه ودخول (جبهة ألنصره) التسمية الجديدة للقاعدة على الخط  وتأييد عزت الدوري  والنقشبنديه لها  ورفع إعلام بعض دول تيار الربيع العربي ذات الموقف المعروف من العراق تترك انطباعا واضحا بان الحكومة العراقية أصبحت إمام خيارات صعبه هي : أما حل البرلمان والحكومة وإعلان حاله الطوارئ او الدخول في  حرب طائفيه اخطر مما شهدها العراق عام 2006 تمهيدا لتنفيذ مشروع التقسيم الذي عرضه بإيدن آنذاك . او الرضوخ والاستجابة لهذه المطالب التي ستنهي ألازمه ولكنها تعني هزيمة التحالف الوطني نهائيا  وإعلان إفلاسه وركوعه أمام خصومه او إجباره على ركوب الصعب وهذا هو ما خطط له من يدير هذه ألازمه.

 قد يبد للوهلة الأولى تراجع دور اربيل بعد غياب لطالباني لكنها في حقيقة الأمر لازالت حاضره فيها  تراقب بحذر ودهاء وربما فرح غامر تداعيات الموقف في الصراع ذي القشرة الطائفية بين العرب أنفسهم هذه المرة وموقفهم المؤيد للقائمة العراقية في البرلمان إنما يستهدف إعلان الطلاق نهائيا مع ألشيعه وتمكين البرلمان من تمرير مطالب المتظاهرين ليقع الانفجار وتنهار العملية السياسية برمتها وهو ما قد يسهل على الأكراد فرض شروطهم على بغداد التي تغرق بالأزمات والمياه الاسنه  بعد انسداد قنوات تصريف المياه مثلها مثل قنوات الحوار بين الساسة. انها المرة الثانية  التي يفلح فيها الأكراد بعد إسقاطهم لحكومة الجعفري بالتخطيط عن قصد لإسقاط حكومة يقودها تحالف شيعي حليف لهم… أنها  السياسية (عاهرة) مثلما وصفها تيتو. 
 ورغم ان من المنطقي ان  يعي المالكي خطورة  الضغوط التي مارسها على الأمريكيين بالتعجيل بالانسحاب العام المنصرم  ويلجا الى طلب مساعدة واشنطن باعتبارها الضامن الوحيد لوحده العراق او على الأقل لتحجيم الموقف التركي والعربي الذي يبدو حاضرا بشده في كواليس ألازمه ألراهنه إلا انه يدرك تماما ان الثمن سيكون باهظا بالنسبة لخياراته القادمة ..من هنا جاءت زيارته ودعمه للأردن لإقناعها بعدم فتح حدودها لغزو الشام  وإسناد الجيش الحر الذي تلقى ضربات قاسيه  في الأسابيع الماضيه  بعد عامين وصلت فيهما لازمه السورية الى طريق مسدود بانتظار القمة الامريكيه الروسية   ربما مطلع الشهر القادم في وقت تتحدث فيه بعض المصادر الغربية عن احتمال توجيه ضربه عسكريه لإيران خلال الأشهر القليلة القادمة حتى الربيع تنفذ على خلفيه الانشغال  بالفوضى والعنف في سوريا والعراق وهو سيناريو بات يتردد كثيرا في الإعلام الغربي .
 
كان من المستغرب ان  تستعين الحكومة في بغداد لمواجهه ألازمه الراهنة بمرجعيات دينيه وسطيه من داخل المكون العربي السني لنزع الفتيل الطائفي بينما المفارقة ان مرجعيه النجف لازالت تترقب سقوط حكومة المالكي بعد أن نزعت عنها الشرعية دون إفصاح وهاجمتها أسبوعيا على منابر ألجمعه عبر وكلاء السستاني على مدار أكثر من عامين وأغلقت إمامها كل الأبواب بعد زعل متبادل… وتؤكد مصادر مطلعه ان  جميع امور السستاني باتت بيد ولده محمد رضا الذي بدا ينفذ صبره لان الحكومة لم تسقط رغم تخلي المرجعية عن دعمها لذا فإنها لن تتدخل الا بشروط تضمن انقياد المالكي لهم  وهو ما يرفضه تماما… وجاء تصريح النائب الاسدي الذي حصر دور المرجعية بالإرشاد والنصح ليعبر عن شكل هذه العلاقة بين بغداد والنجف ولم يصدر عن المراجع الأربعة الكبار في النجف  حتى ألان رغم خطورة الأزمة ألراهنه وخطابها أي تصريح ولو باهت من شانه أعاده أللحمه الوطنية ونبذ الخطاب الطائفي المتشنج  او السعي للقاء رجال الدين ألسنه وتفويت الطريق على انطلاق شراره قد تعيد تكرار النموذج السوري وإدخال العراق في صراع طائفي دموي لايبقي ولا يذر.
 الأزمة الراهنة أكدت حاجه  ألدوله المدنية في العراق التي تسعى لمواجهه استحقاقات وتحديات داخليه وخارجية كبيره لدور المؤسسة الدينية  والعشيرة  بعد فشل المؤسسة السياسية وأحزابها  في أداره الأزمات والغريب  هنا ان يصدر بيان باسم الائتلاف الوطني العراقي بعد أيام  من مظاهرات الانبار  حذر من انتفاضة مليونية، وظهر لاحقا انه لم يصدر بموافقة الدعوة و الفضيلة و  منظمة بدر وتيار الإصلاح وهي الإطراف الأساسية في الائتلاف الوطني العراقي وكشف لاحقا انه تم إعداد مسودة البيان المذكور من قبل شخص او اثنين يمثلون الكيانات الأخرى في الائتلاف الوطني وأجريت اتصالات شكلية مع إطراف الائتلاف لكنهم لم يأخذوا بآرائهم وأصدروا البيان زورا باسم الائتلاف الذي فاجا الكثيرين بمضامينه مما يعكس طبيعة الخلافات داخل التحالف الوطني و خطورة التحدي الذي يواجهه المالكي اليوم  بعد ان فتحت بوجهه العديد من الجبهات التي لا يستهان بها وهو ما قد  يصعد المواجهة القادمة بين الحكومة وأكثر من طرف إذا ما انجلى غبار هذه الأزمة التي  ربما ستعيد تركيبه التحالفات القادمة.
 
 كان رهان البعض على ان الملايين التي قصدت كربلاء في زيارة الأربعين ستشكل قوه ضغط معادله غير مباشره لافي طرح الشعار الطائفي في مواجهه التظاهرات او إحياء ذاكره لازال جرحها لم يندمل بعد من مذابح طائفيه جرت قبل سنوات قليله دفعت فيها جميع الإطراف العربية ثمنا غاليا جدا قبل ان تكتشف الخديعة وكان الرهان الصامت على  مجرد التلويح بشعارات تؤكد على الوحدة الوطنية لكن واقع الحال اظهر ان التحالف الشيعي لم يعد قادرا على أثاره مشاعر الناس بنفس الخطاب حتى مع توجه رئيس الحكومة الى كربلاء التي أصبحت أضافه الى بعدها الديني( حائط مبكى) لملايين العراقيين المصابين بالإحباط من فشل الحكومة في أداره ملف الخدمات او وقف عمليات سرقه  خزينة ألدوله ووقف النزيف الناجم عن عمليات الفساد والحديث عن اكبر موازنة في تاريخ العراق لا ظلال لها على الواقع المعيشي وجاء طوفان إمطار بغداد ليرفع وتيرة التذمر والنقد والتساؤلات الغاضبة المشروعة التي تبرا منها الجميع داخل مؤسسه ألدوله وأروقه صنع القرار وأمانه بغداد وجميعهم يرفلون بالنعم والأموال وكان من السهل توجيه الاتهام الى شخص المالكي دون غيره ما دامت جميع الأضواء قد سلطت عليه وتطالب برأسه وهذا هو نسب الهزيمة والفشل( كاللقيط) في أي نظام  متعثر بلا هوية او سلطات منفصلة تتعاون هرميا  بل يتربص قادتها بعضهم ببعض.
التصعيد الذي بدا أواخر العام الماضي على وقع محاوله ألدوله وضع حد لعمليات الفوضى والعنف في المناطق المتنازع عليها أضافه الى ملف النفط وعقد الإقليم لاتفاقات مع شركات أجنبيه رفضتها الحكومة مع بروز توجه من قبل المركز لأعاده الآلاف من الضباط السابقين واغلبهم من الموصل والرمادي وديالى وتسليح الجيش بأسلحة ومعدات حديثه من مناشئ مختلفة فسرتها اربيل بأنها محاوله لكسب أصوات العرب ألسنه… رافقها تشديد قبضه مكافحه الفساد عبر ملف البنك المركزي وغيره والتي أثارت كما يبدو حفيظة بعض الإطراف المتورطة داخل التحالف الوطني وخارجه وبتنسيق عربي  والتي راهنت جميعا على سحب الثقة من الحكومة ورئيسها قبل أشهر مضت لان اغلبها كانت تدرك ان الانتخابات القادمة ستكون تحديا خطيرا لها .
 فالقائمة العراقية تعرضت للانشقاق والتصدع ولم يعد لها رصيد قوي داخل مناطقها العربية وأظهرت بعض الاستطلاعات انها ستمنى بفشل ذريع في الانتخابات المحلية المرتقبة بينما غيب رئيس القائمة اياد علاوي عن المشهد تماما وفقد أي سيطرة على مكوناتها وقياداتها وكان هذا المصير متوقعا وقد نبه من مغبته طوال السنوات الماضية  من قبل مقربين منه غير انه وفي أخر تصريح له هاجم  بعنف التيارات الطائفية وحذر من تناميها ومن محركي الفتنه ولكن بعد فوات الأوان وقد احضر إلى البرلمان رغم انفه ليمارس دور المايسترو المصاب الشلل .
الأزمة التي ابتدأت  باعتقال حماية رافع العيساوي سرعان ما فجرت سيلا من المطالب  التي تعني تغيير الدستور وهو ما يستلزم استفتاء عاما بحيث تركت لتكون مبررا لجملة مطالب ذات سقف متصاعد تشكل في مجملها هموما مزمنة للعرب السنة كإلغاء قانون الاجتثاث وإلغاء المادة ٤ إرهاب والعفو العام بلا استثناءات وإطلاق سراح السجينات ووقف الإعدام وإجراء إحصاء سكاني يثبت القومية والطائفة و استمر تغير شكل شعارات ومطالب الأزمة يوميا بفعل عوامل التدخل فيها ففي بداية التصعيد تصدر الحزب الإسلامي منصة العرض ثم تدخلت انقره و إطراف عربيه بشكل سافر من خلال ضباط مخابرات تم إدخالهم للعراق  والهدف حتى في حال بقاء المالكي شل قدرته وإضعافه و إنهاء دوره السياسي والحيلولة دون ترشيحه  لولاية ثالثه أضافه الى تلميع قيادات جديدة تمثل المكون السني  تكون أكثر تمسكا  بما يعتقد ه هؤلاء انه تغييب وإقصاء لدورهم.

وكما هو معلوم فان الحزب الإسلامي باعتباره امتداد لحركه الإخوان المسلمين يرى ان دوره الطبيعي هو ان يكون قائدا لربيع عراقي مرتقب يخوله لاحقا  استلام السلطة وتنفيذ تعليمات( المرشد الأعلى) في بلدان عربيه أخرى وهو تصور يتناسى ألتركيبه الطائفية المعقدة في العراق و المعروف انه منذ عام 2007 كان هناك حربا سرية شنها تنظيم الإخوان المسلح المعروف( بحماس العراق) في الفلوجة وضواحي الرمادي بقياده الهاشمي والعيساوي ومن ثم عفتان و بالضد من رموز وجماهير جبهة الحوار بزعامة صالح المطلك وباقي أحزاب ألقائمه العراقية شكلت استفزازا لرموز وجماهير عشائرية في المنطقة ولعل ما تعرض له  صالح المطلك من اعتداء لم يكن عفويا خير دليل على ذلك… لكن تدخل الشيخ عبد الملك السعدي ربما غير البوصلة قليلا فنزع قناع الوطنية الذي تخفى بعض السياسيون خلفه وكظم فورة غضب المتظاهرين  واضطرهم الى التخلي عن شعاراتهم والكشف عن مطالب فشلت ألقائمه في تحقيقها.

   فيما  انعكس موقف التيار الصدري بالتحالف مع الأكراد والعراقية العام الماضي خلال طرح مشروع سحب الثقة عن رئيس الوزراء سلبا على شعبيه التيار وعلى قياده السيد الصدر شخصيا في وسط وجنوب العراق وكان من المستغرب ان يتحدث الناطق باسم هيئه علماء المسلمين محمد عياش الكبيسي عن( الربيع العربي  القادم) ويردد بعده السيد الصدر نفس الخطاب العلني والهجوم على المالكي عبر وسائل الإعلام فيما يشبه تصفيه الحسابات والتلويح( بالربيع العراقي)الذي بات الشارع العربي يعرف بعد عامين يمثلان منعطفا خطيرا انه رغم شعاراته الديمقراطية وإنهاء بعض الأنظمة الدكتاتورية التي احتضنها الغرب مجرد مشروع تقسيمي جديد تم الاتفاق على تنفيذه بين حركه الإخوان المسلمين العالمية والبيت الأبيض إصغاء لنصيحة برنارد لويس الذي أعاد صياغة مشروع جون فوستر دلاس في الخمسينيات من القرن الماضي وهو  لا يختلف في جوهره عن( سايكس بيكو) التي وزعت ارث ألدوله العثمانية على المنتصرين في الحرب العالمية الأولى  ويراد اليوم أعاده النظر فيه و أعاده رسم خارطة المنطقة على أساس طائفي وعرقي بتمزيق ألدوله القطرية وتفجير الصراعات المسلحة بين مكوناتها وترضيه اسطنبول التي صفق بوجهها أبواب الاتحاد الأوروبي وإعطاءها دور الراعي والمنفذ لعمليه التمحور الطائفي السياسي في الشرق الأوسط الجديد.
لقد سربت بعض المصادر المقربة من الهيئة السياسية لكتله الأحرار معلومات تفيد بان العديد من قيادات التيار البارزة ومن بينهم بهاء الاعرجي متورطون في صفقات فساد  وفضيحة غسل وتبييض الأموال عبر  البنك المركزي وان سنان الشبيبي وهيئه النزاهة واللجنة البرلمانية التي تحقق في اخطر قضيه فساد في العالم الثالث لديهم وثائق دامغة بهذا الشأن. ومن هنا فان تفجير ما عرف بفضيحة (روسيا غيت) كان من بين أهدافه المساومة وغلق الملفات المتبادلة على طريقه المافيا والصفقات السرية القذرة التي فاحت رائحتها في الأوساط السياسية العليا في العراق  ويتم الطرق عليها يوميا عبر أكثر من قناة فضائيه عراقيه وهذا ما يفسر هجوم المالكي بقوله ( انني أتعجب على من يطلقون على أنفسهم بأنهم هيئة نزاهة برلمانية متهما إياها بالتسييس لصالح جهات لم يذكرها، مبينا ان من كشف ملف صفقة السلاح الروسي وتناقلها عبر وسائل الإعلام يعتبرون من افسد الناس)!!!. في المقابل فان المجلس الأعلى لازال يلعب دور المراقب والمناور الذي ينتظر الفراغ السياسي من اجل تقديم البديل المرتقب  لرئاسة الحكومة مادامت السلطات الثلاث قد كرست رغم انف الدستور على المكونات على غرار  النموذج اللبناني  الذي يراد تعميمه عربيا .
   أنصار المعسكر المناوئ لرئيس الوزراء الذي يتزعمه النجيفي الذين راهنوا على أللعبه البرلمانية  سابقا  اثبتوا عدم قدرتهم على النيل من خصمهم اللدود وسحب البساط من تحت قدميه بسهوله  بعد نجاح المالكي في شق صفوف مناوئيه وإحراج لطالباني رغم دهائه السياسي والذي لعب دور الوسيط في أزمات كهذه  وقيل ان المال السياسي  للحكومة لعب دورا اكبر في مواجهة إغراء المال العربي الذي تدفق سرا و بسخاء خلال تلك المحاولة لشراء الذمم …ولكنه امسى أكثر سخاء كما يبدو هذه المرة  بتغيير التكتيك ونقل أللعبه من المنطقة الخضراء الى الشارع  بذكاء وحنكه بحيث لا تبدو وكأنها من صنع الساسة او صراعهم على النفوذ  بل منحها طابع العفوية الجماهيرية بعد ان فشلت  أللعبه البرلمانية في الاطاحه بالحكومة. ان الجهات الممولة للحركة الاحتجاجية نصبت للمتظاهرين خياما مجهزة بأحدث وسائل التصوير والبث وحواسيب وصحون لاقطة لتامين خدمات الانترنت مع طواقم متخصصة بالعمل الإعلامي وتموين غذائي وإسناد صحي وكل ما تحتاجه الفرق المقاتلة من دعم لوجستي في الحرب الحديثة!! 
في ذات الوقت تجد الحكومة نفسها وسط اختبار صعب جدا وربما الأخطر من نوعه لأنه يتعلق بحركة الجماهير وينتظر من يقف ورائها ارتكاب ألدوله لحماقة التصدي لها بالقوة خاصة انها لازالت محصورة في مناطق ذات لون طائفي معين وهو ما قد يخلق تعاطفا واسعا على الصعيد العربي والإسلامي يعمق من الخلافات المذهبية ويجر العراق و المنطقة الى المجهول.
 بيد ان الرهان على نقل حركه التذمر الى الوسط والجنوب سيعني حتما سقوط الحكومة  لكن المعروف في حركه التاريخ ان القوى الطائفية في ظل ظرف ما ووجود نوايا صادقه او تحد خارجي يهدد مصيرها وكيانها وبفعل قياداتها العاقلة والحكيمة قادرة على الانصهار والذوبان في مشروع وطني واضح  بينما من الصعب ان يحدث العكس لأنه مخالف لمنطق التاريخ ألا اذا جرى لوي عنقه وتحويل القضية الى سيناريو لا يختلف عما جرى في العديد من  دول الربيع العربي..
 ويبقى التساؤل الأهم هنا هل ان استقالة المالكي التي يطالب بها الكثيرون ستكون العصا السحرية التي تمهد لحل مشاكل العراق المتوارثة والخطيرة وخاصة ما يتعلق منها بالمشروع القومي الكردي وتقاسم السلطة الطائفية ومفردات التوافق والمحاصصة وهوية ألدوله المدنية التي لازالت غير قادرة على الاستغناء عن دور شيخ العشيرة والعمامة.؟؟؟.. أم إن استقالة او أقاله المالكي في ضوء تعثر مسيره الأعمار وسوء الخدمات ستفتح الباب إمام مجهول  غالبا ما ترحم فيه العراقيون على من سلف من حكامهم ؟؟؟
 رغم اني لست ممن يؤمنون بالقائد الأوحد الذي ان غاب  توقفت الأرض عن الدوران لكن الثابت هنا ان التاريخ العراقي اليوم وفي ظل ألازمة ألراهنه يواجه بقوه محنة القيادة التاريخية والمرجعية الدينية والسياسية الرشيده و عدم الوعي الواضح باشكالياتها ومخاطرها واغلب من يسمون أنفسهم بالنخب ورجال ألدوله  ربما يصنفهم المراقب  والمؤرخ كالأقزام إمام رجالات العهد الملكي والجمهوريات السابقة دون ان نتطرق لما يسميه البعض بالعقل السياسي  والحس الوطني المشترك !!!! فلو قبل إحدى الطرفين العربيين بلعب دور المعارض في البرلمان بدلا عن اللعب المزدوج أي الشراكة والمعارضة في ذات الوقت لما وصلت ألازمه الى هذا الطريق المسدود وهي دليل صارخ على فشل العقل السياسي العراقي ومشروع ألدوله الطائفية الذي غرسه الاحتلال.
 
أن الأمم لا تتوقف عند رجل بحد عينه أيا كان عظيما ومبدعا ومؤثرا في تاريخها ….. وكل رجل يمكن الاستغناء عنه او تعويضه بأخر قد لا يسد الفراغ وقد لا يعوض تماما عن سلفه لكن الحياة ستمضي الى الإمام …. مثلما لا يمكن لأي رجل او أمراه آيا كان أن ينوب محل حركه… ولا لأي زعيم او قائد او رئيس حكومة ان يحل محل ثوره ولا لسلطه أيا كانت عادله او غاشمة او متجبره او قادرة على إغراق شعب بالرفاهية لتعوضها عن الديمقراطية أن تحل محل شعب.
ولكن ما لا يمكن الاستغناء عنه ولا يمكن التضحية به هو وحده ألامه والشعب وضمير ها وصوتها الحر الحقيقي وتلاحم جميع أبناءها الذين امتزجت دماءهم على مر التاريخ والذين ننحني لهم حين يدوسون بإقدامهم على كل خطاب طائفي يسعى لتمزيق الوطن الواحد وترابه المقدس  … انها الفتنه الكبرى التي نفذ فصلها الأول بالديناميت والأحزمة الناسفة والمفخخات وينفذ اليوم الجزء الأخطر منها  باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية ودموع الجلاد على لا على ألاف الضحايا الأبرياء….. بل على قاتليهم.