23 ديسمبر، 2024 5:48 ص

لم يعد ينتبه الى وسائل الاعلام، لقد ضجر كثيرا من القيل والقال، نواب يبكون ونواب يشتمون، ونواب حائرون بين هذا وذاك، السكين ستطول الجميع بلا استثناء، يدينون انفسهم من على شاشات الفضائيات بادلة ودونما ادلة، المتهمون كثيرون والمشتكون والمطالبون بالحق العام يتجاوزون الثلاثين مليونا، انها لعبة خطيرة ماوضعهم بها قائد الجيش، وراح يدور على الاضرحة يطلب مساندة الاولياء الصالحين، ربما يئس من الاحياء الذين لايشبهون الاحياء في شيء، حضر قائد الجيش استجوابا لم يحضره الملك ولا نائبه، كان ممثلو الشعب بمفردهم في قاعة مغلقة، والاتهامات تتقافز من افواه الجميع ضد الجميع، وهو يبعث بالاطلاقات واحدة تلو الأخرى، اطلاقة اصابت المستجوب الاول، واطلاقة اصابت المستجوب الثاني، اما الاطلاقات الاخرى فكانت غير عشوائية كان يوجهها بالاسماء، احضرهن في الليل ووضع الاسماء بتأنٍ كبير، ومن ثم ملأ بندقيته، كان يردد باستمرار انه مقاتل وانه لايخشى هذه الساحات، فقد خبر الحرب قبلها، لم يهدأ هاتفه ليلا ونهارا، فالطلبات تنهال عليه بسحب كل شيء وهم ايضا سينسحبون، لكنه يحتج بان الجرائم صارت قضية رأي عام وليس له دخل فيها، ضغطت الزناد وانتهى كل شيء، وانا انتظر المحكمة، هل تريد ان تنسف كل مابنيناه، ومابنينا نحن سوى الفساد والجور واعمال القتل، ثم يبتسم بعدها، سانسفكم كلكم ( ساقطين).
لم يدر بخلده انه كان يدافع عن نفسه، لقد حمله الشعب على الاكتاف، نحن ننتظر المخلص، كن انت من يخلصنا من هذا العذاب، هو يسمع ويبتسم ويردد ان شاء الله، الملك لايعلم شيئا عما يجري، ينام بقصره مع الحاشية ولايعقب على شيء الا بعد فوات الاوان، حين يوقظه احد مستشاريه، يسأل هل انتهى كل شيء، تراجع قائد الجيش عن تصريحاته، ويعود ثانية لينام، قال له الاطباء : ايها الملك ستحول عينك من النوم، فلم يسمع قولهم حتى احولت عينه اليسرى، ويطارد الحول العين الاخرى، لايعرف الوقت بالرغم من وجود عدد من الساعات الملتصقة بالجدران، ساعات عملاقة تشير الى الوقت بدقة عالية، بدأت بعض الاطراف الدولية بمساعٍ للملمة الازمة والخروج باقل الخسائر، وكان التفاوض حول التضحية بنائب من نواب الشعب او اثنين، وفي المقابل يسحب قائد الجيش اقواله، انا لي من يحميني، هكذا قال: انا اندد بالخمر وادو والى العدالة، اكره الشاذين والشاذات من النساء، من اللواتي يدخلن انفسهن في اعمال الرجال، احمل سيفي واقاتل وانتصر، لاصحو على صوت امرأة لم تر ساحة القتال تتهمني بالفساد، انا الذي حررت المدن وقهرت الاعداء، يجب ان انسف هذا المجلس لانه صار شبيها بالسرطان، كانت السيارات العسكرية تجوب الشوارع وهي تحمل اطنانا من الورق، وقفت بجوار المحكمة وراح الجنود ينزلون الملفات، تعجب الناس، هل هذه هي الادلة التي يتكلمون عنها في المحاكم، استدعاه القاضي فترك الكلاب التي معه خارج المحكمة، وطلب الاذن من القاضي بادخال الشهود، فسأله القاضي لماذا لم يدخلوا؟ انها كلابي ياسيادة القاضي وستتعرف على المتهمين بشم رائحة الورق وثيابهم، ولايستطيع احد انكار الجرم المنسوب اليه، نواب الشعب يجلبون الكلاب ايضا كشهود، يالها من محكمة تدور فيها الكلاب على راحتها، لقد ملأت القاعات والباحات الفارغة، كل هذه الكلاب شهود!، وماهذه الاطنان من الورق؟ انها الادلة ياسيادة القاضي، كان يكفي ان تحضر ورقة واحدة او عدة اوراق، انني ادافع عن نفسي،كل هذا دفاعا عن النفس، وفي اول سابقة دخلت الكلاب الى المحكمة وهي تتجول في اروقتها ووقفت في اماكن الشهود، هناك حيث تتنضد الكتب المقدسة لاغراض القسم.